للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك هو الإنسان.

١ - ففي القرآن العظيم يقول ربنا تبارك اسمه {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} (١).

فهاهنا أنفس يتوفاها الله بالموت فيمسكها عن العودة إلى الحياة، وأخرى يسكب عليها غيبوبة النوم إلى حين، ثم يطلقها لمواصلة العيش، حتى تستوفي مدتها التي قدرها لها.

والتوفية في كلتا الحالتين إنما هي، والله أعلم، استيفاء المقدار الذي حدد للموت والنوم من قبل القادر الحكيم، الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات والأرض، لأن كل شيء عنده بمقداره ومثل هذا المدلول للتوفية هو المعني في رثاء طرفة على لسان أخته:

عددنا له ستا وعشرين حجة ... فلما توفاها استوى سيدا ضخما

وفي هذا التعبير القرآني دلالة قاطعة على أن للنفس كيانا خاصا قد عين له نطاق محدود من الزمن يقضيه في صحبة الجسد، فإذا استوفاه أمسك بأمر ربه كما يشاء وحيث يشاء إلى حين يشاء.

٢ - ويقول ربنا جل جلاله عن نهاية العصاة الذين لم يمنعهم إيمانهم من المقام في مستنقعات الكفر، الذي يعرضهم وأبناءهم للانحراف عن


(١) سورة الزمر الآية ٤٢