للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تقدير مذهب مالك]

ولا شك في أن الفقه الإسلامي، فيما يتعلق باقتران العقد بالشرط، قد تطور في مذهب مالك تطورا ملحوظا نحو الإباحة. فالمذهب المالكي - خلافا للمذهبين الحنفي والشافعي - يجيز الشرط الذي فيه منفعة مطلوبة فيتخطى بهذه الإباحة العقبة التي ترجح في المذهبين الآخرين إلى مبدأ وحدة الصفقة.

ثم إن الشرط الفاسد عند مالك لا يجاوز في أكثر صورة منطقة معقولة، وهذا واضح في الشرط الفاسد الذي يبطل العقد، والشرط الفاسد الذي يبطل وحده ويبقى العقد.

أما الشرط الفاسد الذي يبطل ويبطل العقد معه إلا إذا نزل عنه المشترط فهو في إحدى صورتيه، وهي صورة المنع من التصرف في البيع، لا يجاوز أيضا حدودا معتدلة، إذ الشرط يصح إذا قيد بقيود معقولة كما إذا نهى البائع المشتري عن التصرف لناس قليلين وترك باب التصرف مفتوحا لأكثر الناس، ويصح كذلك إذا كان له مسوغ مشروع كما إذا اشترط البائع ألا يتصرف المشتري في المبيع حتى يعطي الثمن المؤجل، وكما إذا كان المنع من التصرف يتضمن إيقاع معنى في البيع هو من معاني البر.

وتبقى الصورة الأخرى لهذا الشرط الفاسد، وهي التي يخل بها الشرط بالثمن كما في بيع وسلف، ففي هذه نرى مذهب مالك قد وقف جامدا، ولم يتابع التطور إلى غايته، وكأنه اصطدم هنا بمبدأ وحدة الصفقة فلم يستطع أن يتخطاه في البيع والسلف، فإن العقد الذي يتضمن بيعا وسلفا، لا يتميز في الواقع من الأمر إلا بأنه عقد واحد تضمن صفقتين.