للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمر الخامس: ختم النبوة:

لما كانت هذه الشريعة لجميع الخلق، وقد كلف بها جميع العباد في أقطار البلاد، فإنما ذلك لكونها خاتمة الشرائع، وآخر الرسالات المنزلة من السماء، فيجب علينا الإيمان بأن محمدا - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء وآخر الرسل، قال الله تعالى {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (١) وقد قرئ بفتح التاء وكسرها، وأصل الخاتم ما يختم به ما قبله، ومنه ما تختم به الرسائل حتى لا يضاف إليها شيء ليس منها، والمعنى أنه - صلى الله عليه وسلم - آخر الأنبياء الذين أرسلهم الله إلى الخلق، فيلزم من كونه خاتم الأنبياء أن يكون آخر الرسل، وقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين (٢)» وروى مسلم أيضا عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي (٣)» وفي سنن أبي داود وغيره في حديث ثوبان الطويل قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي (٤)» فيجب الإيمان بأنه - صلى الله عليه وسلم - آخر الأنبياء وأن من ادعى النبوة بعده فهو كاذب، وأن عيسى ابن مريم - عليه السلام - حين ينزل في آخر الزمان إنما يحكم بشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو كفرد من أفراد هذه الأمة، وإن كان ينزل عليه الوحي، لكنه لا يخرج عن هذا الشرع الشريف، وعلى هذا فكل من زعم النبوة، أو ادعى الرسالة في هذه الأمة فهو كذاب أفاك


(١) سورة الأحزاب الآية ٤٠
(٢) هو في صحيح مسلم مع الشرح ١٥/ ٥١
(٣) هو أيضا في صحيح مسلم مع الشرح ١٥/ ١٠٤
(٤) انظر سنن أبي داود برقم ٤٢٥٢.