للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هناك قاض مستقل في العصر الأول يقوم بالقضاء على أنه وظيفة مستقلة، وقد جاء عن مالك أنه قال: " إن أبا بكر وعمر لم يكن لهما قاض، حتى كانت الفتنة فاستقضى معاوية " (١).

وهنا يذكر أن أبا موسى لم يكن قاضيا، وإنما كان واليا، والقاضي كعب بن سور.

يقول الدكتور محمد بلتاجي: [وبعد هذه كله نستطيع أن نقول: - ونحن مطمئنون - أننا لو أخذنا بالرواية التي ذكرها الطبري عن مالك من أن عمر لم يكن له - كما لم يكن لأبي بكر - قاض مستقل، أو أخذنا بالرواية الأخرى التي ذكرت أن كعب بن سور كان قاضي عمر على البصرة عند مقتل عمر سنة ٢٣هـ، أو أخذنا باحتمال أن يكون كعب بن سور أبرز الذين كان يستشيرهم أبو موسى عند القضاء بين الناس في البصرة، فليس هناك ما يمنع عقلا أو تأريخا من أن يكون عمر بن الخطاب قد أرسل إلى واليه أبي موسى الأشعري هذه الرسالة الشهيرة] (٢).

ثالثا: قولهم لم تذكرها كتب الأقدمين:

إن عدم ذكر حديث وأثر في كتاب معين لا يعني عدم صحته، إذ كثير من الأحاديث الصحيحة، والآثار الصحيحة لم ترد في كتاب الموطأ، ولا في كتاب صحيح البخاري، قال ظافر القاسمي بعد أن ذكر الشبهة: [هذا صحيح، ولكنه لا يمكن وفقا لعلم مصطلح الحديث أن يكون سببا في رد الكتاب، أو في اعتبار نسبته إلى عمر غير صحيحة؛ لأن البخاري جمع في صحيحه أقل من عشرة آلاف حديث من أصل ثلاثمائة ألف وقع عليها، ولا ريب في أن تعدد كتب الحديث النبوي قد أتاح لنا الفرصة لمعرفة الكثير مما هو من أصول الشريعة وفروعها، فعدم ورود كتاب عمر في المصادر التي أشار إليها تيان، ووروده مثلا عن الدارقطني والبيهقي، على الرغم من أنهما متأخران حتى عن


(١) نظرة عامة في تأريخ الفقه الإسلامي ص ٧٥ الناشر دار الكتب الحديثة بالقاهرة.
(٢) منهج عمر بن الخطاب في التشريع ص ٥٨ - ٥٩ طبع دار الفكر العربي.