للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى أولي الأمر أن يحددوا بناء على ظروف مجتمعهم وبيئتهم التي يعيشون فيها مقاييس تقاس بها عدالة الناس، فتقبل شهاداتهم بناء عليها أو ترفض. فاشتراط العدالة هو الذي نص عليه القرآن، أما كيفية هذه العدالة ومقاييسها فهو أمر اجتهادي يتعرض لما يتعرض له كل اجتهاد من التغيير والتبديل، وهذا ما حدث بالنسبة لهذه الجملة في رسالة عمر لأبي موسى.

أو نقول: إن عمر قصد في الرسالة غير ما في الموطأ؛ إذ يعتبر عمر عدالة المسلم فيما يقول، ويدعي بشكل عام - كما في الرسالة - أما الشهادة فيتشدد فيها كما في القرآن الكريم، لا تقبل إلا من العدل في الظاهر والباطن؛ لذلك قال عمر " لا يؤسر رجل في الإسلام بغير العدول ". وسيأتي بإذن الله تعالى زيادة إيضاح لهذه المسألة (١).

وبعد هذه المناقشة لاعتراضات منكري رسالة عمر، والرد عليها، يتبين لنا أن ليس هناك مجال للطعن في الرسالة، أو التشكيك في صحتها، سواء أكان ذلك من ناحية سندها أم تعدد رواياتها، أم من الناحية التأريخية، أم من ناحية المتن، وليس هناك بعد هذا إلا التسليم بصحة صدورها عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه -.

ثم على فرض التسليم بعدم صحة هذه الرسالة ففي كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما يستدل به على الأحكام الواردة فيها. فعمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - متبع وليس مبتدع.


(١) في مبحث المعاني والقواعد المستنبطة من الرسالة ص ٦٠٩ - ٦١٢.