للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعروضة وعدم التريث إلا إذا كان هناك ما يدعو إلى ذلك لئلا تتعطل مصالح الناس الأخرى، فالتردد على مجلس القضاء طلبا للحكم قد يفوت بعض الوقت الذي يجب أن يصرف إلى مصلحة أخرى. وقد ضرب عمر المثل بالأعرابي الذي ليس له شغل في البلد ووراءه الأشغال الكثيرة في مقر إقامته، قد يدفعه هذا إلى ترك حقه والذهاب دون إنهاء الدعوى والسبب في ترك الحق هو مماطلة القاضي وعدم شعوره وتحسسه لمشاعر الناس.

كما أن الحق الذي يحكم به إذا لم تكن له سلطة تنفذه، سواء أكانت السلطة من داخل أنفس المتخاصمين، كما في المحكم، أو سلطة تنفيذية بيد القاضي، أو يأمرهما بالتنفيذ يصبح الحكم عديم الفائدة، إذ قيمة الحكم في الإلزام به. يقول ابن القيم - رحمه الله -: [ومراد عمر بذلك: التحريض على تنفيذ الحق إذا فهمه الحاكم، ولا ينفع تكلمه به إن لم يكن له قوة تنفذه، فهو تحريض منه على العلم بالحق والقوة على تنفيذه، وقد مدح الله سبحانه أولي القوة في أمره والبصائر في دينه، فقال: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} (١).

فالأيدي: القوي على تنفيذ أمر الله، والأبصار: البصائر في دينه] (٢).


(١) سورة ص الآية ٤٥
(٢) إعلام الموقعين جـ ١ ص ٩٥.