للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولا: فيما يتعلق بقلبه: فإن القلب سمي بذلك؛ لأنه متقلب لا يستقر على حال. كما قال الشاعر فيه وفي حامله:

وما سمي الإنسان إلا لنسيه ... وما القلب إلا أنه يتقلب

فهو يتقلب بين غني مطغي، وفقر منسي، وهو في حالة كفره ليس كمثله في حالة إيمانه، وهو في حالة إيمانه بين أصبعين من أصابع الرحمن، ولذا لزم تذكيره، والدعاء له بالثبات، بمثل دعاء المصطفى - صلى الله عليه وسلم: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (١)».

ثانيا: فيما يتعلق بعقله: فإن العقل وحده لا يكفي في الوصول إلى الرشاد، إذ لا يعدو أن يكون في بعض الأحيان مثل آله - لا يحسن استخدامها، فتضر أكثر مما تفيد، قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (٢).

ثالثا: فيما يتعلق بنفسه فهي في جبلتها أمارة بالسوء، فلا بد أن يتولاها صاحبها بالمجاهدة، ويتعهدها المربون بالعناية والتذكير حتى ترتفع من درجة الأمارة؟ إلى درجة (اللوامة) إلى درجة (المطمئنة)؛ لأن الله فطرها قابلة لتنزل الخير والشر قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} (٣) {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} (٤) {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} (٥) {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} (٦).

رابعا: فيما يتعلق بطبعه مما ركب فيه من ميول وغرائز وجنوح للشهوات يقول الله تعالى مبينا هذا الجانب:

{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} (٧).


(١) سنن الترمذي القدر (٢١٤٠)، سنن ابن ماجه الدعاء (٣٨٣٤).
(٢) سورة الأعراف الآية ١٧٩
(٣) سورة الشمس الآية ٧
(٤) سورة الشمس الآية ٨
(٥) سورة الشمس الآية ٩
(٦) سورة الشمس الآية ١٠
(٧) سورة آل عمران الآية ١٤