للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحائط أن يكون مما يقبل القسمة فلا يجوز تقييد كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير دلالة من كلامه لا سيما وقد ذكر هذا في باب تأسيس إثبات الشفعة وليس عنه لفظ صحيح صريح في الشفعة أثبت من هذا ففي الصحيحين «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة (١)». فلم يمنع الشفعة إلا مع إقامة الحدود وصرف الطرق وهذا الحديث في الصحيح عن جابر وفي السنن عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا (٢)». فإذا قضى بها للاشتراك في الطريق فلأن يقضي بها للاشتراك في رقبة الملك أولى وأحرى- إلى أن قال- وأيضا فمن المعلوم أنه إذا أثبت النبي صلى الله عليه وسلم الشفعة فيما يقبل القسمة فما لا يقبل القسمة أولى بثبوت الشفعة فيه فإن الضرر فيما يقبل القسمة يمكن رفعه بالمقاسمة وما لا يمكن فيه القسمة يكون ضرر المشاركة فيه أشد، وظن من ظن أنها تثبت لرفع ضرر المقاسمة لا لضرر المشاركة كلام ظاهر البطلان فإنه قد ثبت بالنص والإجماع أنه إذا طلب أحد الشريكين القسمة فيما يقبلها وجبت إجابته إلى المقاسمة. ولو كان ضرر المشاركة (٣) أقوى لم يرفع أدنى الضررين بالتزام أعلاهما ولم يوجب الله ورسوله الدخول في الشيء الكثير لرفع الشيء القليل فإن شريعة الله منزهة عن مثل هذا.

وأما قولهم هذا يستلزم ضرر الشريك البائع فجوابه أنه إذا طلب المقاسمة ولم يمكن قسمة العين فإن العين تباع ويجبر الممتنع على البيع ويقسم الثمن بينهما وهذا مذهب جمهور العلماء كمالك وأبي حنيفة وأحمد. اهـ (٤).


(١) صحيح البخاري البيوع (٢٢١٤)، سنن الترمذي الأحكام (١٣٧٠)، سنن أبو داود البيوع (٣٥١٤)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٩٩)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢٩٦).
(٢) سنن أبو داود البيوع (٣٥١٨).
(٣) هكذا في المطبوع ولعل الصواب: ضرر المقاسمة.
(٤) المجموع جـ ٣٠ ص (٣٨١ - ٣٨٤).