للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بداية الدراسة: يتضمن هذا المقال: محاولة إثبات أن الربا الذي جاء القرآن بتحريمه غير متحقق في معاملة المصارف بالاستدانة منها بفائدة يحددها المصرف ويلتزم المستدين بدفعها إلى المصرف مع أصل الدين، ومن ثم تكون هذه المعاملة مشروعة.

وقبل أن نناقش ما جاء في هذا المقال نحب أن نقرر هنا أمورا: أ) إن إخضاع الشريعة لواقع الناس في معاملاتهم وتصرفاتهم غير جائز شرعا، ومن ثم يجب رفضه؛ لأن الشريعة حاكمة يخضع الناس لأوامرها ونواهيها، وليست محكومة لواقع الناس وأهوائهم وأغراضهم يتبعونها عندما تحلو لهم، وينأون عنها إذا لم تصادف هوى في نفوسهم، يقول الله تعالى في تقرير هذا المبدأ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (١). ويقول جل شأنه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (٢)، ويقول عز وجل: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٣).

إذن فمحاولة إضفاء الشرعية على العملية المصرفية المذكورة وما يترتب عليها من فوائد تبريرا لما يتعامل به الناس مع المصارف أمر غير جائز شرعا؛ لأنه هدم للشريعة ومحاولة للتخلص من اتباعها.

ب) إن فقهاء الأمة في كل عصر ومصر مطالبون بإيجاد البديل عن


(١) سورة النساء الآية ٦٥
(٢) سورة الأحزاب الآية ٣٦
(٣) سورة النور الآية ٥١