للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: والجواب على هذه الشبهة قد أصبح واضحا من الجواب عن الشبهة السابقة - يشير بذلك إلى الجواب عن قياس التأمين على القمار- فالمراهن معتمد على المصادفات والحظوظ كالمقامر، وقد يضيع في التلهي به أوقاته ويقتل فعاليته ونشاطه كالمقامر.

وأبرز المفارقات بين التأمين والرهان أن الرهان ليس فيه أية صلة بترميم أضرار الأخطار العارضة على النشاط الاقتصادي المنتج من ميدان الحياة الإنسانية، لا بطريق التعاون على تفتيت تلك الأضرار وتشتيتها ولا بطريق تحمل فردي غير تعاوني ولا يعطي أحدا من المتراهنين أي أمان أو طمأنينة كما هو الأثر المباشر في عقد التأمين، وفي هذا ما يكفي لهدم هذه الشبهة (١).

ونوقش هذا الجواب بأنه قد أصبح واضحا أيضا من الجواب عن مناقشة الاستدلال على تحريم التأمين بقياسه على القمار، وأيضا فالمتعاقدان في التأمين يعتمدان على المصادفات والحظوظ، وغاية ما يحتاط به من إحصاء وتنسيق ومقاصة ونحوها أن يخفف قدر الخطر شيئا ما، لكن لا يزال الخطر فاحشا بالنسبة للمتعاقدين، فإن شركات التأمين وإن احتاطت بعملياتها الفنية للكسب فالخطر لا يزال يساورها بشدة بالنسبة لكل مستأمن وحده، بل لا يزال يساورها بالنسبة لمجموع المستأمنين وإن كان أقل من سابقه، فلم يخرج التأمين بذلك عن شبهة الوثيق بالقمار، ثم ليس كل ما كان نافعا ومساعدا على ترميم الأخطار، ودفع الأضرار يكون جائزا حتى يغلب نفعه ضره، وخيره شره، وهيهات أن يتحقق ذلك في التأمين.


(١) عقد التأمين، ص ٤١ وما بعدها.