للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال مالك وابن شبرمة والثوري والأوزاعي والشافعي: ميراثه للمسلمين، وقال يحيى بن سعيد: إذا جاء من أرض العدو فأسلم على يده، فإن ولاءه لمن والاه، ومن أسلم من أهل الذمة على يدي رجل فولاؤه للمسلمين عامة، وقال الليث بن سعد: من أسلم على يدي رجل فقد والاه، وميراثه للذي أسلم على يده إذا لم يدع وارثا غيره.

وقال أبو بكر: الآية توجب الميراث للذي والاه وعاقده على الوجه الذي ذهب إليه أصحابنا؛ لأنه كان حكما ثابتا في أول الإسلام، وحكم الله به في نص التنزيل {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} (١) فجعل ذوي الأرحام أولى من المعاقدين الموالي، فمتى فقد ذوو الأرحام وجب ميراثهم بقضية الآية، إذ كانت إنما نقلت ما كان لهم إلى ذوي الأرحام إذا وجدوا، فإذا لم يوجدوا فليس في القرآن ولا في السنة ما يوجب نسخها، فهي ثابتة الحكم مستعملة على ما تقتضيه من إثبات الميراث عند فقد ذوي الأرحام، وقد ورد الأثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بثبوت هذا الحكم وبقائه عند عدم ذوي الأرحام، وهو ما حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا يزيد بن خالد الرملي وهشام بن عمار الدمشقي، قال: حدثنا يحيى بن حمزة عن عبد العزيز بن عمر (٢) قال: سمعت عبد الله بن موهب يحدث عمر بن عبد العزيز عن قبيصة بن ذؤيب، عن تميم الداري أنه قال: «يا رسول الله ما السنة في الرجل يسلم على يدي الرجل من المسلمين؟ قال: هو أولى الناس بمحياه ومماته (٣)». فقوله هو أولى الناس بمحياه ومماته يقتضي أن يكون أولاهم بميراثه؛ إذ ليس بعد الموت بينهما ولاية إلا في الميراث، وهو في معنى قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} (٤) يعني ورثة، وقد روي نحو قول أصحابنا في ذلك عن عمر وابن


(١) سورة الأحزاب الآية ٦
(٢) صدوق يخطئ.
(٣) سنن الترمذي الفرائض (٢١١٢)، سنن أبو داود الفرائض (٢٩١٨)، سنن ابن ماجه الفرائض (٢٧٥٢)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٠٣)، سنن الدارمي الفرائض (٣٠٣٣).
(٤) سورة النساء الآية ٣٣