للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسعود أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما من حكم يحكم بين الناس إلا حبس يوم القيامة (١)».

وحديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «المقسطون على منابر من نور يوم القيامة عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وما ملوا (٢)». إلى غير ذلك من الأحاديث.

ومن تحليل هذه النصوص، وتفسيرها نتوصل إلى الحقائق الآتية:

أولا - أنه لا يجوز التحاكم في كل المنازعات والقضايا إلا إلى شريعة الإسلام {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (٣) الآية، أي فردوه إلى كتاب الله، فإن لم تجدوه في كتاب الله فإلى سنة رسول الله، فإن لم تجدوه فإلى الاجتهاد، كما في حديث معاذ -رضي الله عنه- حينما بعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- واليا وقاضيا لليمن. فالقرآن هو الأصل الذي ينبغي الرجوع إليه في الأحكام، وبعده سنة رسول الله، ثم ما يئول إليهما من إجماع أو قياس.

وهذه هي القاعدة الأولى التي أقرتها الشريعة الإسلامية في التنظيم القضائي في الإسلام، وما سواها فهو باطل وطاغوت {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} (٤)، ولقد سار كبار المجتهدين على هذا الأساس في فهم الشريعة الإسلامية، ومقاصدها السامية، واستدلوا بنصوص


(١) مسند الإمام أحمد (١/ ٤٣٠).
(٢) أخرجه مسلم في باب كراهة الإمارة بغير ضرورة (٦/ ٧)، والنسائي في كتاب آداب القضاة، فضل الحاكم العادل في حكمه (١/ ٢٢١).
(٣) سورة النساء الآية ٥٩
(٤) سورة النساء الآية ٦٠