للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[فضله وعلمه]

كان -رحمه الله- عالما فاضلا ورعا تقيا، إماما في التفسير وعلوم القرآن، وفي الحديث ومشكلاته، وفي اللغة والأنساب. أما في الفقه والأصول: فلا يشق له غبار. كان مناظرا قوي الحجة. قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية: "ما دخل الشام بعد الأوزاعي أفقه من الموفق "، وكفى بهذه الشهادة من قبل ابن تيمية، وكان -رحمه الله- يراعي حال المستمعين والقارئين. فإذا كتب بيده أو أملى علما راعى حال المستفيدين منه، فنجده لما ألف في الفقه، ألف بمستويات ثلاثة: (المغني) للعلماء المجتهدين من المذهب أو خارجه. و (الكافي) للمتوسطين من طلاب العلم في المذهب. و (العمدة) لطلاب العلم المبتدئين.

ولذا لا يكاد يقرأ له قارئ إلا أخذ بجودته وبيانه؛ وخاصة في كتابه (المغني). يقول الشيخ العز بن عبد السلام: "ما طابت نفسي بالفتيا حتى صار عندي نسخة من المغني ".

كان -رحمه الله- يقرض الشعر ويتلذذ به، فمما قاله يرثي به نفسه ويتذكر به الموت:

أتغفل يا ابن أحمد والمنايا ... شوارع تخترمنك عن قريب

أغرك أن تخطئك الرزايا ... فكم للموت من سهم مصيب

كئوس الموت دائرة علينا ... وما للمرء بد من نصيب

كأنك قد لحقت بهم قريبا ... ولا يغنيك إفراط النحيب

ويقول:

أبعد بياض الشعر أعمر مسكنا ... سوى القبر إني إن فعلت لأحمق

يخبرني شيبي بأني ميت ... وشيكا وينعاني إلي فيصدق