للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وينبغي أن لا يتعب [أحد] (١) في حفظ القرآن.

وهذه فضيحة لم يسبقوا إليها، وقد [أجمعوا] (٢) على أن القرآن لم ينزل على النبي-صلى الله عليه وسلم- جملة واحدة، وإنما أنزل نجوما [في نحو] (٣) ثلاث وعشرين سنة. وقد دل على ذلك قول الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا} (٤) {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} (٥)، فهؤلاء إن وافقوا المسلمين في هذا فقد بطل قولهم.

وإن قالوا: أنزل جملة، خالفوا رب العالمين وخلقه أجمعين، ثم متى نزل عليه كله، في أول رسالته أم في آخرها أم في أي وقت؟ ثم إن هذا شيء لا يعلم بالعقل، وإنما يعلم بالنقل، فعمن أخذوه؟ ومن نقله لهم؟ وأين روي هذا ومن رواه؟.

وإن قالوا: ما أنزل من القرآن شيء أصلا ولا يتصور نزوله، وكل ما جاء من الآيات والأخبار في هذا مجاز لا حقيقة له، وهذا الكتاب الذي أنزل على النبي-صلى الله عليه وسلم- ليس بقرآن، وإنما هو عبارة القرآن، وإنما سمي قرآنا مجازا.

قلنا: قد سبقت الدلالة على بطلان هذا بأدلة كثيرة قاطعة يقينية، فلا يلتفت إلى ما خالفها.

ثم نقول: حمل الكلام على المجاز تأويل، كل متأول محتاج إلى شيئين: -


(١) في الأصل (أحدا) بالنصب، والصواب الرفع.
(٢) في الأصل (جمعوا) بدون همز.
(٣) في الأصل (نحو في) والصواب: ما أثبت.
(٤) سورة الفرقان الآية ٣٢
(٥) سورة الفرقان الآية ٣٣