للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فخره في الجاهلية]

لحسان في الجاهلية شعر يزخر بالمفاخر بلسانه ويده وسيفه وكرمه وخلقه ثم بأهله: بشجاعتهم ومكانتهم وأمجادهم وأصولهم وهو حين تفور مشاعره للفخر يذكر المرأة فيناديها لتعلم حقيقته كما فعل عنترة في قوله: " هلا سألت الخيل يا ابنة مالك " كذلك يكشف حسان عن حقيقته لمحبوبته شعثاء فيقول:

لعمر أبيك الخير يا شعث ما نبا ... علي لساني في الخطوب ولا يدي (١)

لساني وسيفي صارمان كلاهما ... ويبلغ ما لا يبلغ السيف مذودي (٢)

وإن أك ذا مال قليل أجد به ... وإن يهتصر عودي على الجهد يحمد (٣)

فلا المال ينسيني حياتي وعفتي ... ولا واقعات الدهر يفللن مبردي

أكثر أهلي من عيال سواهم ... وأطوي على الماء القراح المبرد

وإني لمعط ما وجدت وقائل ... لموقد ناري ليلة الريح أوقدي

وهكذا يشير حسان في هذه الأبيات إلى أن له لسانا وسيفا وكلاهما صارم، وأن لسانه أقوى حدة من سيفه ولم يثبت لحسان في جاهليته في إسلامه موقف من مواقف البأس والصرامة كما لم يثبت له إيقاد نار يهتدي بها الساري في دلج الليل وأنه أكثر أهله بعيال غيرهم (إنه الشعر التقليدي) سار فيه حسان على نهج من سبقه من الشعراء الشجعان والكرماء.


(١) نبا الشيء: تباعد وتجافى.
(٢) المذود: اللسان.
(٣) قصد بالعود: نفسه، واهتصاره: عصره.