للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من عبيد وغيرهم؛ لأن أثر المطروح سلامة الجميع وجوابهم أن شأن المركب أن يصل برجاله سالما إلى البر وإنما يغرق ما فيه عادة وإزالة السبب المهلك لا يوجب شركة بل فعل السبب المنجي، وهو فرق حسن فتأمله فإن فاعل الضرر شأنه أن يضمن فإذا زال ضرره ناسب أن يستحقه أو بعضه؛ لأن موجد الشيء شأنه أن يكون له فإن صالحوا صاحب المطروح بدنانير ولا يشاركهم جاز إذا عرفوا ما يلزم في القضاء فإن خرج بعد الطرح من البحر سالما فهو له وتزول الشركة أو خرج وقد نقص نصف قيمته انتقض نصف الصلح ويرد نصف ما أخذه. اهـ.

وأما كلام الفقهاء المعاصرين:

فقال الأستاذ مصطفى الزرقا: وأما صحة ضمان خطر الطريق فيما إذا قال شخص لآخر: اسلك هذا الطريق فإنه آمن وإن أصابك فيه شيء فأنا ضامن. فسلكه فأخذ ماله، حيث يضمن القائل هو ما نص عليه الحنفية في الكفالة، وانتبه إليه ابن عابدين وناقشه في كلامه عن "السوكرة" كما سبق بيانه فإني أجد فيه فكرة فقهية يصلح بها أن يكون نصا استثنائيا قويا في تجويز التأمين على الأموال من الأخطار وإن لم يسلم ابن عابدين رحمه الله بكفاية هذه الدلالة فيه، ورأى فرقا بينه وبين السوكرة يمنع القياس عليه، والذي أراه أن فقهاءنا الذين قرروا هذا الحكم في الكفالة في ذلك الزمن البعيد لو أنهم عاشوا في عصرنا اليوم وشاهدوا الأخطار التي نشأت من الوسائل الحديثة كالسيارات التي فرضت على الإنسان من الخطر بقدر ما منحته السرعة وثبتت أمامهم فكرة التأمين ولمسوا الضرورة التي نلمسها نحن اليوم في سائر المرافق الاقتصادية الحيوية لتخفيف آثار الكوارث الماحقة لما ترددوا لحظة في إقرار التأمين نظاما شرعيا (١).


(١) أسبوع الفقه الإسلامي ٤١٠.