للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لما فيها من مصلحة مزدوجة، وجعلها إلزامية في جناية القتل؛ لأن فيها مسئولية متعدية بسبب التناصر، وذلك بعد إخراج حالة العمد منها كما يقتضيه التنظيم القانوني، يقول: الرسول عليه الصلاة والسلام: «لا تعقل العواقل عمدا (١)» لكيلا يكون في معاونة العامة تشجيع على الجريمة، وهذا هو المنطق القانوني نفسه في عدم جواز التأمين من المسئولية قانونا عن فعل الغش وجناية العمد. وتركها اختياره للمروءات وفقا للتوجيه الشرعي العام في التعاون المندوب إليه شرعا في الكوارث المالية الأخرى.

فما المانع من أن يفتح باب لتنظيم هذا التعاون على ترميم الكوارث، يجعله ملزما بطريق التعاقد والإرادة الحرة كما جعله الشرع إلزاميا دون تعاقد في نظام العواقل؟ وهل المصلحة التي يراها الشرع الإسلامي بالغة من القوة درجة توجب جعلها إلزامية بحكم الشرع تصبح مفسدة إذا حققها الناس على نطاق واسع بطريق التعاقد والمعاوضة التي يدفع فيها القليل لصيانة الكثير وترميم الضرر الكبير من مختلف الكوارث، وذلك لكي يصبح هذا الباب قابلا لأن يستفيد منه كل راغب، مع ملاحظة أن هذا التوسع في النطاق داخل في دائرة التعاون المندوب إليه شرعا بصورة غير إلزامية.

يقول ابن القيم رحمه الله في صدد ما يجوز من المشارطات العقدية شرعا: كل ما يجوز بذله وتركه دون اشتراط فهو لازم بالشرط. انظر: إعلام الموقعين طبعة المنيرية ج٣ ص ٣٣٩ - ٣٤٠ (٢) اهـ.


(١) روى هذا الحديث ابن عباس موقوفا عليه من رواية محمد بن الحسن. وروي مرفوعا وهو غريب. انظر نصب الراية للزيلعي ٤/ ٣٩٩ - كتاب المعاقل- الحديث الخامس.
(٢) أسبوع الفقه الإسلامي ٤١٢.