للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: أن عامة النظر فيها إنما هو فيما عقل منها وجرى على دون (١) المناسبات المعقولة التي إذا عرضت على العقول تلقتها بالقبول، فلا مدخل لها في التعبدات ولا ما جرى مجراها من الأمور الشرعية؛ لأن عامة التعبدات لا يعقل لها معنى على التفصيل؛ كالوضوء والصلاة والصيام في زمان مخصوص دون غيره والحج ونحو ذلك:

ثم ذكر مجموعة أمثلة توضح ذلك ثم قال:

والثالث: " أن حاصل المصالح المرسلة يرجع إلى حفظ أمر ضروري ورفع حرج لازم في الدين، وأيضا مرجعها إلى حفظ الضروري من باب ما لا يتم الواجب إلا به. . . " فهي إذا من الوسائل لا من المقاصد، ورجوعها إلى رفع الحرج راجع إلى باب التخفيف لا إلى التشديد. اهـ (٢).

وأما كلام الفقهاء المعاصرين في بيان وجه الاستدلال بهذا الدليل:

فقال عبد الرحمن عيسى: ومن الإنصاف أن نقرر أن التأمين نشأ وليد الحاجة، ولم تزل عملياته تتعدد وتتنوع تبعا لما يحققه من مصالح اقتصادية كبيرة فقلما نجد باخرة تعبر البحار إلا مؤمنا عليها، وقلما نجد البضائع تشحن من الخارج بحرا أو جوا إلا مؤمنا عليها، وكذلك قلما نجد العمارات الشاهقة والمتاجر الكبيرة إلا مؤمنا عليها ضد الحريق، وكذلك مخازن البنوك ومخازن الشركات للقطن والحبوب وغيرها مؤمن عليها ضد الحريق، وكذلك مخازن البترول والزيوت ومخازن الأخشاب وكذلك المصانع الكبيرة وعمالها مؤمن عليها، وكذلك السيارات والطائرات، فقد دفعت قواعد الاقتصاد الناس دفعا إلى التأمين لدى شركات التأمين ليأمنوا الكوارث المالية الفادحة التي يتعرضون لها نظير


(١) كذا في المطبوع، ولعله " على سنن ".
(٢) انظر الاعتصام ج٣ ص ٢٨٣ - ٢٨٤ وص ٢٨٦ - ٢٨٧ وص ٣٠٧ - ٣١٣.