للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن الأدلة على وجوب الحذر من الصغائر والكبائر جميعا، وعدم الإصرار عليها قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (١) {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (٢) القول الثاني: أن المراد باللمم هو ما يلم به الإنسان من المعاصي، ثم يتوب إلى الله من ذلك كما في، الآية السابقة، وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} (٣) وقوله سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٤). وما جاء في معنى ذلك من الآيات الكريمات وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون (٥)».

ولأن كل إنسان معرض للخطأ، والتوبة النصوح يمحو الله بها الذنوب وهي المشتملة على الندم على ما وقع من المعصية والإقلاع منها والعزيمة الصادقة على ألا يعود إليها خوفا من الله سبحانه وتعظيما له ورجاء مغفرته.

ومن تمام التوبة إذا كانت المعصية تتعلق بحق الآدميين؛ كالسرقة والغصب والقذف والضرب والسب والغيبة ونحو ذلك، أن يعطيهم حقوقهم أو يستحلهم منها إلا إذا كانت المعصية غيبة وهي الكلام في العرض ولم يتيسر استحلال صاحبها حذرا من وقوع شر أكثر فإنه يكفي في ذلك أن يدعو بظهر الغيب وأن يذكره بما يعلم من صفاته


(١) سورة آل عمران الآية ١٣٥
(٢) سورة آل عمران الآية ١٣٦
(٣) سورة آل عمران الآية ١٣٥
(٤) سورة النور الآية ٣١
(٥) سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٩٩)، سنن ابن ماجه الزهد (٤٢٥١)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٩٨).