للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أم موسى (١)

ومع الأصداء الأخيرة الحلوة لهذا الترتيل. . نصعد معا إلى جبل آخر من جبال النور. . لنعانق أبعاد ملحمة أبطالها. . أم. . . ونبي. . وشخوص أشتات متباينة من البشر المتباينين. نحن مع موسى وأمه. . مع الأمومة البطلة الفدائية، التي صممت على أن تهدي الحياة ربيعها الأخضر متمثلا في بشر رسول. . فعاشت من خلال هذا العمل العملاق. . صورة حية وامضة لكل ما في الأمومة من نداوة الحب. . وخصب العاطفة. . وإثراء الوجدان. . وبسالة الإصرار. . نحن مع موسى وأمه إذن من خلال ما يحدثنا به القرآن (٢). وما أصدق حديثه وأعذبه وما أخلد آياته وأروعها. . والقرآن هنا لا يحدثنا عن والد موسى (٣). . وإنما يخص بالذكر أمه. . لأنها كانت بطلة الموقف. . وحاملة عبئه. . والمناضلة بعواطفها الأصلية عن وليدها الأثير. .

وتبدأ القصة بداية راعبة. . وشاحبة. . تبدأ برؤيا يراها فرعون. . تؤرق ليله، وترتق نهاره. . وتتركه في خضم متلاطم من الهواجس السافكة. . والوساوس الخانقة، والرؤى الشرهاء فيجمع في ذهول كهنته وسحرته، وكل المعبرين والمنجمين. . ويسألهم تأويل رؤياه. . فيقولون: يولد في بني إسرائيل غلام يسلبك الملك، ويغلبك على سلطانك، ويخرجك وقومك من أرضك، ويبدل دينك وقد أظلك زمانه الذي يولد فيه! ".

وهنا يجن جنون فرعون. . وينفجر في حناياه طوفان من الغضب العارم. . فيأمر في لوثة حمقاء بقتل كل غلام وليد، حتى لا يعانق الحياة هذا البازغ المنتظر الرهيب!


(١) المراجع السابقة. . وقصص الأنبياء للإمام الثعلبي.
(٢) ملحوظة: يلاحظ أنه ينسب إلى القرآن أشياء ليست فيه وإنما وردت في الآثار.
(٣) ملحوظة: يلاحظ أنه ينسب إلى القرآن أشياء ليست فيه وإنما وردت في الآثار.