للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (١) وهما حق الله على عباده. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «حق الله على العباد: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا (٢)».

ومن مقومات الأمن وأسبابه بعد التوحيد إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (٣) {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (٤) فربط سبحانه حصول النصر على الأعداء الذي يتوفر به الأمن للمسلمين لأن من انتصر على عدوه فقد أمن شره ربط ذلك بإقام الصلوات الخمس التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام وإيتاء الزكاة التي هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وخصص هذين الركنين لما لهما من الأهمية؛ لأن الأول إحسان فيما بين العبد وبين ربه بإخلاص العبادة له، وهذا هو الأساس الذي ينبني عليه الدين كله.

والثاني: إحسان فيما بين العبد وبين إخوانه، ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذين يتحقق بهما نصرة دين الله، وقدم إقام الصلاة وإيتاء الزكاة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا بد أن يكون عاملا بما يأمر به ومتجنبا لما ينهى عنه وصالحا في نفسه قبل أن يكون مصلحا لغيره.

هذا وكما أن هذه الأمور هي أهم مقومات الأمن وأسباب النصر في الدنيا فهي كذلك أسباب الأمن في الدار الآخرة قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} (٥) أي لم يخلطوا عبادتهم بشرك


(١) سورة النحل الآية ٣٦
(٢) صحيح البخاري الجهاد والسير (٢٨٥٦)، صحيح مسلم الإيمان (٣٠)، سنن الترمذي الإيمان (٢٦٤٣)، سنن ابن ماجه الزهد (٤٢٩٦)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢٣٨).
(٣) سورة الحج الآية ٤٠
(٤) سورة الحج الآية ٤١
(٥) سورة الأنعام الآية ٨٢