للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنشأت بذلك الفرق والمذاهب الدينية المختلفة (١) وعندما دخلت الدولة العثمانية دور الانحطاط في القرن الثاني عشر الهجري - كما سبق - ازدادت الحالة الدينية سوءا بين المسلمين، ومما زاد في ذلك جمود علماء المسلمين في تلك الفترة وتمسكهم بالقديم أيا كان خاصة علماء الأستانة وعلماء الأزهر، وقد شجعهم على هذا كره أصحاب السلطة في تلك الفترة للإصلاح أيا كان نوعه، وكثيرا ما يعدون صاحبه كافرا. كما فعلت الدولة العثمانية مع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب حينما عدت دعوته وحركته الإصلاحية خارجة عن الدين (٢)، وبعكس ذلك أطلق أصحاب السلطة العنان لأهل البدع والمتصوفين والبلهاء حتى علا شأنهم عند العامة اعتقدوا فيهم الولاية، (٣) وكان لأصحاب الطرق الصوفية منزلة عظيمة عند العامة وأصحاب السلطة، فنشروا بذلك بدعهم بين الناس، ووصل قوة نفوذ أصحاب الطرق الصوفية أن تولى عدد منهم مشيخة الأزهر فترة من الوقت (٤) هذا إلى جانب ما كان منتشرا بين عامة الناس في كافة أرجاء الدولة العثمانية، وفي غيرها من بقاع المسلمين من بدع أصابت عقيدة التوحيد في الصميم، فقد انتشرت في البلاد المختلفة قبور الأولياء والصالحين التي بنيت عليها القباب والتي يتجه إليها الناس بأشياء لا يجوز صرفها إلا لله تعالى كالدعاء والاستغاثة والذبح والنذر والشفاعة ونحوها، وكثيرا ما كانت تقام عند هذه القبور المنكرات والمفاسد، وقد انتشرت هذه القبور في مختلف البلاد الإسلامية سواء في الحجاز أو اليمن


(١) عبد الله يوسف الشبل: محاضرات في تاريخ الدولة السعودية ص٢٦، ٢٧.
(٢) Nicholson، R. A.، Alileiary history of the Arabs P ٤٦٧.
(٣) عبد الرحمن الجبرتي: عجائب الآثار في التراجم والأخبار ج١ حوادث عام ١١٧٢ هـ.
(٤) عبد المتعالي الصعيدي: المجددون في الإسلام من القرن الأول إلى القرن الرابع عشر الهجري ص٤٢٣.