للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمنه وكرمه - يمده بعون خاص منه على قضاء حوائجه وشغله بأيسر الأسباب وأسهل الطرق، فلا يعيى ولا يعجز، ولقد ثبت في صحيح البخاري (٧/ ١٣١) ومسند الإمام أحمد (٦/ ٢٥٦) أن العبد إذا تقرب إلى الله بأداء الفرائض وواظب على التقرب إليه بالنوافل، فإن الله يحبه، فإذا أحبه الله أمده بتوفيقه وإعانته، بحيث يكون سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سأل الله أعطاه، وإن استعاذ به أعاذه، فمن كان في معية الله الخاصة يبعد أن يأخذه إعياء فيما يعانيه من شغل وغيره، ألا ترى أن الله أخبر عن المعرض عن ذكره بتنغيص حياته وضنك معيشته قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} (١).

وكون الإعياء يحصل لبعض الناس، فإنه لا ينفي عدم الحصول للبعض الآخر، وذلك لتخلف سبب من أسبابه أو وجود مانع، مصداق ذلك أن كثيرا من عباد الله يتلفظ بكلمة التوحيد لا إله إلا الله، وتجده يبارز الله بالمعاصي بأقواله وأفعاله واعتقاده، ولو عرف معناها حقا لامتنع عن مخالفتها إذا كان مسلما، أو لامتنع عن قولها إذا كان غير مسلم، كحال المشركين إذا خوطبوا بها وطلب منهم قولها امتنعوا استكبارا، قال الله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (٢).

فالأعمال الصالحة لها تأثير عجيب في سلوك العبد وتوفيقه للهداية


(١) سورة طه الآية ١٢٤
(٢) سورة الصافات الآية ٣٥