للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقيدة المملكة وقيادتها؛ لذا رأيت التنبيه على ذلك، فأقول مستعينا بالله تعالى:

لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره بل يجب منعه؛ لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولم يأمر به لنفسه أو لأحد ممن توفي قبله من الأنبياء أو من بناته أو زوجاته أو أحد أقاربه أو صحابته، ولم يفعله خلفاؤه الراشدون ولا غيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولا التابعون لهم بإحسان، ولا أحد من علماء الشريعة والسنة المحمدية في القرون المفضلة. وهؤلاء هم أعلم الناس بالسنة وأكمل حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعة لشرعه ممن بعدهم ولو كان خيرا لسبقونا إليه.

وقد أمرنا بالاتباع ونهينا عن الابتداع؛ وذلك لكمال الدين الإسلامي والاغتناء بما شرعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتلقاه أهل السنة والجماعة بالقبول من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (١)». متفق على صحته. وفي رواية أخرى لمسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (٢)»، وقال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (٣)»، وكان يقول في خطبته يوم الجمعة: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (٤)». ففي هذه الأحاديث تحذير شديد من إحداث البدع وتنبيه بأنها ضلالة تنبيها للأمة على عظيم خطرها وتنفيرا لهم عن اقترافها والعمل بها. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٥)


(١) صحيح البخاري الصلح (٢٦٩٧)، صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨)، سنن أبو داود السنة (٤٦٠٦)، سنن ابن ماجه المقدمة (١٤)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢٥٦).
(٢) صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٨٠).
(٣) سنن أبو داود السنة (٤٦٠٧)، سنن الدارمي المقدمة (٩٥).
(٤) صحيح مسلم الجمعة (٨٦٧)، سنن النسائي صلاة العيدين (١٥٧٨)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (٢٩٥٤)، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٧١)، سنن الدارمي المقدمة (٢٠٦).
(٥) سورة الحشر الآية ٧