للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- الله - مذكور في الأمر بجواب الاستفهام في الآية قبله وهو قوله: {مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ} (١) إلى قوله:

{قُلِ اللَّهُ} (٢)

أي الله هو الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى.

فالاسم - الله - مبتدأ خبره دل عليه الاستفهام كما في نظائر ذلك - تقول: من جارك؟ فيقول: زيد، وأما الاسم المفرد مظهرا ومضمرا فليس بكلام تام ولا جملة مفيدة ولا يتعلق به إيمان ولا كفر ولا أمر ولا نهي، ولم يذكر ذلك أحد من سلف الأمة ولا شرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعطي القلب نفسه معرفة مفيدة، ولا حالا نافعا، وإنما يعطيه تصورا مطلقا لا يحكم فيه بنفي ولا إثبات - إلى أن قال: وقد وقع بعض من واظب على هذا الذكر بالاسم المفرد وبـ: " هو " في فنون من الإلحاد وأنواع من الاتحاد، وما ذكر عن بعض الشيوخ في أنه قال: أخاف أن أموت بين النفي والإثبات، حال لا يقتدى فيها بصاحبها، فإن في ذلك من الغلط ما لا خفاء به إذ لو مات العبد في هذه الحال لم يمت إلا على ما قصده ونواه، إذ الأعمال بالنيات، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتلقين الميت لا إله إلا الله. وقال «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة (٣)»، ولو كان ما ذكره محظورا لم يلقن الميت كلمة يخاف أن يموت في أثنائها موتا غير محمود. بل كان ما اختاره من ذكر الاسم المفرد - والذكر بالاسم المضمر أبعد عن السنة وأدخل في البدعة وأقرب إلى إضلال الشيطان، فإن من قال: يا هو


(١) سورة الأنعام الآية ٩١
(٢) سورة الأنعام الآية ٩١
(٣) سنن أبو داود الجنائز (٣١١٦)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢٣٣).