للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسواء أكانت في حبال الزوج أم مطلقة لقوله تعالى {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} (١) وإذا اختلفا فقد تعاسرا، والرضاع ليس من حق الزوج، لأنه لا يملك إجبار زوجته لإرضاع ولده من غيرها ولا من حق الولد لأنه لو كان من حقه للزمها بعد الفرقة، فصار الإرضاع مما يلزم الأب خاصة.

والفقهاء في إزاء عدم إجبار الأم على إرضاع ولدها لم يتركوا الطفل دون رعاية وحفظ فجعلوا رعايته على أبيه ولم يجردوا أمه من مسؤوليتها إذا تعين عليها الأمر وأصبح الإرضاع عليها لازما.

فيرى الحنفية إجبار الأم على إرضاع ولدها إذا تعين عليها الإرضاع بأن لا يجد الأب من يرضعه، أو كان الابن لا يأخذ ثدي غيرها، أو لم يكن له مال والأب معسر فحينئذ تجبر الأم على إرضاعه صيانة له عن الضياع. وهذا عليه المذهب عندهم وبه تكون الفتوى.

وهو مذهب المالكية والشافعية الذين جعلوا لها إزاء ذلك أخذ الأجرة من ماله أو ممن تلزمه نفقته (٢) والقول بالإجبار إذا تعين على الأم هو المذهب عند الحنابلة.

وذلك لقوله تعالى {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} (٣) والامتناع عن إرضاعه وهو لا يجد غيرها مضارة له، وهو لا يجوز مما يدل على وجوب إرضاعها له إذا تعين عليها.

ولأنه إذا وجبت على الأب نفقته وولادته له من جهة الظاهر فوجوب نفقته على الأم إذا تعين عليها أولى. لأن ولادتها له من جهة القطع (٤) وهذا هو الأولى خلافا لظاهر رواية الحنفية أن الأم لا تجبر على إرضاعه لإمكانية تغذيته بغير لبنها والقول بالوجوب هو الراجح عندهم.


(١) سورة الطلاق الآية ٦
(٢) انظر مغني المحتاج ج٣ ص٤٤٩ طبع دار إحياء التراث العربي وانظر نهاية المحتاج ج٧ ص٢٢٢ مطبعة الحلبي.
(٣) سورة البقرة الآية ٢٣٣
(٤) انظر المجموع شرح المهذب ج١٧ ص١٧٢ الناشر مكتبة الإرشاد بجدة.