للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديث الشريف نهي كراهة لا نهي تحريم لا يتفق مع ما أجمعت عليه المذاهب الفقهية، وقد اعترض الأستاذ زكي الدين بدوي بحق على هذا الرأي في مقاله المنشور في مجلة القانون والاقتصاد حيث قال: " إنه يتعذر التسليم بقوله بعدم دخول الأصناف الستة في الربا المحرم؛ لأن بيع هذه الأصناف وإن كانت وسائل وذرائع إلى الربا إلا أنها وسائل وذرائع منصوصة، ودلالة الأحاديث عليها لا تختلف فيها الأفهام، أما قوله أن النهي عن بيع هذه الأصناف كان تورعا؛ لإفادة أن بيعها خلاف الأولى أو للكراهة فقط لا للتحريم، فدعوى تتعارض مع ظواهر النصوص والمأثور عن الصحابة "، ويبدو أنه يجب الذهاب إلى مدى أبعد مما ذهب إليه الأستاذ زكي الدين، والقول بأن ربا النسيئة وربا الفضل لا يقتصران على الأصناف الستة المذكورة في الحديث الشريف بل يجاوزانها إلى ما عداهما إليه المذاهب الفقهية من الأصناف الأخرى، وهذا هو الذي انعقد عليه الإجماع، وإن كل ذلك ربا محرم لا مكروه فحسب، وننتهي الآن إلى مناقشة نظرية أستاذنا السنهوري فنقول:

إذا كان الأستاذ السنهوري معذورا من جهة أنه حرر نظريته والواقع المعاش في ذلك الوقت أنه لا يوجد تطبيق مصرفي عملي إلا محكوما بأحد النظامين؛ النظام اللاربوي الشيوعي والنظام الربوي الرأسمالي؛ فإن الوضع الآن قد تغير ووجدت تطبيقات عملية وتجارب معاشة لنظام مصرفي ليس ربويا ولا شيوعيا هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى فإن الحاجة حينما تعتبر مثل هذا الاعتبار في بعض الأحكام إنما يقصد بها الحاجة التي تفرض على الإنسان من الخارج ولا يستطيع دفعها، أما أن يكون في إمكان الإنسان دفع الحاجة، ثم لا ينشط لذلك فلا يجوز اعتبارها في هذه الحال وواضح بعد تغير الظروف ونجاح التطبيقات للنظام المصرفي غير الربوي أن في إمكان أي دولة إسلامية أن تحول نظامها المحلي - على الأقل - إلى نظام لا ربوي لو أرادت ذلك. وسيأتي لهذا زيادة بيان إن شاء الله.