للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رحمه الله عبادة وتهجد منجمعا عن الناس لا يخالطهم، ولا يتودد إلى أحد من ذوي الولايات (١).

ولو ذهبنا نستنطق التاريخ ونسأل صفحاته، لظفرنا بما ننوء بحمله ونعجز عن تسطيره. وحسبنا القول الذي ألقي على تراثه، والمحبة التي أشربت بها القلوب.

وهذه المنزلة المرموقة الشامخة لم يكن وصوله إليها ضربا من العبث ولم تأت عفوا، فدونها خرط القتاد، وإنما جاءت تتويجا لأعماله وجهوده ووعيه النادر؛ لأن التاريخ مرآة صادقة يعكس الواقع بتجرد، ويعطي كل ذي حق حقه من غير ادعاء أو تزييف.

فالتأريخ حكم فصل تسقط دونه جميع الأقنعة، وتنكشف أمامه مواطن الضعف ومسارب القصور.

وبالطبع فإننا نقصد به التأريخ الحقيقي - سواء كان منشورا أم لا - البعيد عن المؤثرات البيئية التي ربما كانت سببا في إخفائه أو تشويهه.

ابن رجب: أيها الرجل المعطاء لقد أنصفك التأريخ، وبوأك مكان الصدارة في عالم الفكر ودنيا الثقافة، فلله درك من عالم وهب نفسه لله وأتحف الناس بروائعه، التي لا زالت نبعا صافيا يردونه في كل حين.


(١) إنباء الغمر بأخبار العمر ١/ ٧٩٥.