للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ «١» [النساء: ٢٩]، وقال الله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: ١٨٨]، وقال الله تعالى فى اليهود: وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ [النساء: ١٦١]، وقال الله تعالى فيهم: أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ [المائدة: ٤٢] مبالغون فى أكل أموال الناس بالباطل وهو يشمل كل ما ليس له مقابل صحيح مشروع ويدخل فيه الغش والحيل والخداع الدنيوى والدينى والرشوة، والسحت- بالضم الحقير الذى يلزم صاحبه العار ويوصف بالخسة فهو يسحت مروءته أى يذهب بها وقد قلت فى وطن الحكام الظالمين من المقصورة الرشيدية:

وكيف لا يسحته الله وهم ... للسحت أكالون فيه والرّشا

وقال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٤) يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة: ٣٤، ٣٥] الوعيد على كنز المال بمنع تداوله والانتفاع العام به وبمنع الحقوق منه «٢».

[القطب الرابع: مدح المال والغنى بكونه من نعم الله وجزائه على الإيمان والعمل الصالح]

قال الله تعالى فى سورة نوح عليه السلام حكاية عنه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (١٠) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً [نوح: ١٠ - ١٢]، وفى معناه ما حكاه عن هود عليه السلام فى سورة [هود، الآية: ٥٢]، بل قال الله تعالى فى بيان نعمته على آدم وحواء وذريتهما بهداية الدين فى آخر قصته من سورة طه: قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [١٢٣، ١٢٤] ..

الآيات. فجزاء اتباع هداية الدين الحفظ من شقاء الدنيا والفوز بنعمة المعيشة الراضية فيها، وجزاء من أعرض عنها الشقاء ومعيشة الضنك فيها، وفى معناه قوله تعالى من سورة


(١) الباطل ما ليس له مقابل، ومن التجارة مالا ربح فيه، ويحل بالتراضى.
(٢) راجع تفسيرها فى ص (٣٩٥ - ٤١٠) من الجزء العاشر- تفسير المنار.

<<  <   >  >>