للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أعجوبة القرآن فى فساد معاهدات الزمان]

وقد بين الله تعالى فى كتابه سبب هذه الخيبة بما وجدنا مصداقه فى هذه الدول الأوروبية بأظهر مما كان فى عرب الجاهلية الذى نزل هذا البيان فى عهدهم، كأنه نزل فى هؤلاء الإفرنج دون غيرهم، وهو من عجائب القرآن لى لفظه ومعناه، وذلك قوله تعالى بعد الأمر بالإيفاء بعهده، والنهى عن نقضه: وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ [النحل: ٩٢] والمعنى: لا تكونوا فى نقض عهودكم والعود إلى تجديدها كالمرأة الحمقاء التى تنقض غزلها من بعد قوة إبرامه نقض أنكاث «وهو جمع نكث بالكسر ما نقض ليغزل مرة أخرى» حال كونكم تتخذون عهودكم دخلا بينكم «والدخل التحريك بالفساد والغش الخفى الذى يدخل فى الشيء وما هو منه» لأجل أن تكون أمة أربى وأزيد رجالا، وأكثر ربحا ومالا، وأقوى أسنة ونصالا، من أمة أخرى.

والمراد أن معاهدات الصلح والاتفاق بين الأمم يجب أن يقصد بها الإصلاح والعدل والمساواة، فتبنى على الإخلاص دون الدخل والدغل الذى يقصد به أن تكون أمة هى أربى نفعا وأكثر عددا وجمعا من الأمة الأخرى، وهو ما عليه هذه الدول فى جميع معاهداتها ولا سيما المعاهدة الأخيرة بعد الحرب للعامة (معاهدة فرسايل).

ولو طلبوا المخرج والسلامة من هذا الحظر لوجدوهما فى دين الإسلام، فهو هو دين الحق والعدل والسلام، وهاك بعض القواعد الحرب والسلم فى القرآن.

<<  <   >  >>