للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[العجائب وما للمسيح منها]

جاء فى تعريف العجائب وأنواعها من قاموس الكتاب المقدس ما نصه:

«وعجيبة: حادثة تحدث بقوة إلهية خارقة مجرى العادة الطبيعية لإثبات إرسالية من جرب على يده أو فيه. والعجيبة الحقيقية هى فوق الطبيعة لا ضدّها، تحدث بتوقيف نواميس الطبيعة لا بمعاكستها، وهى إظهار نظام أعلى من الطبيعة يخضع له النظام الطبيعى، ولنا فى فعل الإرادة مثال يظهر لنا حقيقة أمر العجائب إذ بها ترفع اليد، وبذلك نوقف ناموس الثقل «١»، ويتسلط الله على قوى الطبيعة ويرشدها ويمد مدارها ويحصره لأنها عوامل لمشيئته، ويناط فعل العجائب بالله وحده أو بمن سمح له بذلك.

وإذا آمنا بالإله القادر على كلّ شىء لم يعسر علينا التسليم بإمكان العجائب، وكانت العجيبة الأولى خليقة الكون من العدم بإرادته تعالى، أما المسيح فأقنومة عجيبة أدبية عظيمة، وعجائبه لم تكن إلا إظهار هذا الأقنوم وأعماله، وإذا آمنا بالمسيح ابن الله العديم الخطية لم يعسر علينا تصديق عجائبه. أما الشيطان فعجائبه كذابة».

«ولا بد من العجائب لتعزيز الديانة؛ فكثيرا ما يستشهد المسيح بعجائبه لإثبات لاهوته وكونه المسيح، وكان يفعلها لتمجيد الله ولمنفعة نفوس الناس وأبدانهم، وكان يفعلها ظاهرا أما جماهير أصحابه وأعدائه ولم ينكرها أعداؤه غير أنهم نسبوها ليعلزبول «٢»، وسواء امتحناها بالشهادة من الخارج وبمناسبتها إلى إرساليته الإلهية التى ظهرت لكل من كان خاليا من الغرض صحيحة. فإذا لم نسلم بصحتها التزمنا أن نقول إن مقرريها كذابون، الأمر الذى لا يسوغ ظنه بالمسيح والرسل «٣».


(١) أى سنة جاذبية الثقل التى تقتضى سقوط الأجسام إلى مركز الأرض ..
(٢) أى أن الشيطان والأناجيل تثبت العجائب للشيطان كما صرح به آنفا، بل يبالغون فى عجائبه وتصرفه فى العالم، ومن أسمائه عندهم: إله هذا الدهر، قال فى قاموس الكتاب المقدس: (قلنا فى شخصيته نفس البراهين التى لنا فى شخصية الروح القدس والملائكة) «راجع ص ٦٥٠ ج ١» وتعجب من أهل هذا الدين.
(٣) هذا استدلال غير منطقى ولا تقوم به الحجة على المنكر، ولا يحتاج إليه المعترف المقلد وحاصله: إما أن نسلم بصحة هذه العجائب، وأما أن نقول إن رواتها كاذبون، لكن كذب رواتها لا يسوغ أن يظن بالمسيح والرسل فثبت أنها صحيحة، والمنكر يسوغ كذب الناقلين لها، وله أن يسلم الشرطية المنفصلة ويمنع الاستثناء ويعده مصادرة، إذ جعل كلا من ثبوت كونه مسيحا من الله وكونهم رسلا متوقفا على صدقها، وصدقها متوقفا على ثبوت ذلك وهذا دور محال.

<<  <   >  >>