للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المهنأ (١)، حتى لقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله" (٢).

ب- وفي المدينة المنورة أظهر المسلمون الأعاجيب في إخلاصهم لعقيدتهم، فقد كان عمير بن سعد في حجر جُلاس بن سويد بن الصامت، إذ خَلَفَ جلاس هذا على أم عمير بعد أبيه، فسمع عمير كلمة نابية قالها جلاس في النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "والله يا جلاس، إنك لأحب الناس إليَّ وأحسنه عندي يداً وأعزه أن يصيبه شيء يكرهه. ولقد قلت مقالة لئن رفعتُها عليك لأفضحنَّك، ولئن صمتُّ عليها ليهلكنّ ديني، ولأحدهما أيسر عليّ من الآخر"، ثم مشى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر له ما قال جلاس (٣).

ج- واجتمع المنافقون يوماً في المسجد، فرآهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحدثون خافضي أصواتهم، قد لصق بعضهم ببعض، فأمر بهم فأُخرجوا من المسجد إخراجاً عنيفاً: قام أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري إلى عمرو بن قيس من بني النجار - وكان صاحب آلهتهم في الجاهلية، فأخذ برجله فسحبه من المسجد؛ ثم أقبل أبو أيوب أيضاً إلى رافع بن وديعة من بني النجار فلبَّبه (٤) بردائه ثم نتره نتراً (٥) شديداً ولطم وجهه ثم أخرجه من المسجد (٦).

د- وكان رجال من المسلمين يواصلون رجالاً من يهود لما كان


(١) المهنأ: ما يأتيك فتسيغه وتقبله طبيعتك. (ج): مهانئ.
(٢) عيون الأثر ١/ ٢٠٠.
(٣) سيرة ابن هشام ٢/ ١٤١.
(٤) لبّبَ الرجل: جمع ثيابه عند نحره في الخصومة ثم جره.
(٥) نتره: جذبه.
(٦) سيرة ابن هشام ١/ ١٥٠ - ١٥١.

<<  <   >  >>