للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد كان أولئك العرب المسلمون من أهل الجزيرة العربية بعيدين عن الحضارة قريبين من البداوة، ولكنهم انتصروا على أصحاب المدنيات العريقة والحضارات التليدة بايمانهم العميق: إيمانهم بما جاء به الإسلام عقيدة وعملاً.

ففي معركة (أُلَّيْس) (١) بين الفرس بقيادة (جابان) وبين المسلمين بقيادة خالد بن الوليد، أعجل خالد الفرس عن طعامهم الذي كانوا قد بسطوه، فلما انهزم الفرس وقف خالد على الطعام وقال: "قد نفلتكموه، فهو لكم".

وجلس المسلمون إلى الموائد يتناولون عشاءً شهياً رأى الكثيرون منهم فيه عجباً: رأوا الرُّقاق (٢) ولم يكونوا يعرفونه، فجعلوا يقولون: ما هذه الرقاع البيض؟! ... وجعل مَن عرفها يجيبهم مازحاً: هل سمعتم برقيق العيش! فهذا هو ... لذلك سمي: الرقاق، وكانت العرب تسميها: القِرى (٣).

وفي معركة (القادسية) أصاب العرب المسلمون جراباً من كافور، فحسبوه ملحاً لا يشكون أنه ملح! فلما طبخوا جعلوا يلقونه في القِدر فلا يجدون له طعماً، فمر بهم أحد العرب المستوطنين في العراق فقال: "يا معشر المعربين! لا تفسدوا طعامكم، فإن ملح هذه الأرض لا خير فيه! هل لكم أن تأخذوا هذا القميص به"؟ فأخذوه منه


(١) أُليس: قرية من قرى الأنبار، انظر التفاصيل في معجم البلدان ١/ ٣٢٨، والأنبار تقع غرب بغداد على نهر الفرات.
(٢) الرقاق: الخبز المنبسط الرقيق، واحدته: رقاقة.
(٣) الطبري ٢/ ٥٦٢، وابن الأثير ٢/ ١٤٩.

<<  <   >  >>