للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأموال، لأنها كانت بأيديهم لا في قلوبهم.

كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - يحلب للحي أغنامهم، فلما بويع له بالخلافة، قالت جارية من الحي: "الآن لا تحُلَبُ لنا منائح دارنا"، فسمعها أبو بكر فقال: "بلى! لعمري لأحلبنّها لكم، وإني لأرجو ألا يغيّرني ما دخلت فيه عن خُلق كنت عليه"، فكان يحلب لهم.

وكان رجلاً تاجراً، فكان يغدو كل يوم إلى السوق، فيبيع ويبتاع. ونظر في أمره فقال: "لا والله، ما تصلِح أمور الناس التجارة، وما يصلحهم إلا التفرغ لهم والنظر في شأنهم، ولا بد لعيالي مما يصلحهم"، فترك التجارة واستنفق من مال المسلمين ما يصلحه ويصلح عياله يوماً بيوم، ويحج ويعتمر. فلما حضرته الوفاة قال: "ردوا ما عندنا من مال المسلمين فإني لا أصيب من هذا المال شيئاً، وإن أرضي التي بمكان كذا وكذا للمسلمين بما أصبت من أموالهم"، فدفع ذلك إلى عمر، ولقوحاً وعبداً صيقلاً (١) وقطيفة ما تساوي خمسة دراهم، فقال عمر: "لقد أتعب مَن بعده".

وكان كل ما أنفقه من بيت المال في ولايته ثمانية آلاف درهم (٢)!!!

ب) وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في خطبة له: " ... وإني امرؤ مسلم وعبد ضعيف إلا ما أعان الله عز وجل. ولن يغيّر الذي


(١) الصقيل: شحاذ السيوف وجلاؤها، وهي مهنة العبد الذي أعيد إلى بيت مال المسلمين.
(٢) الطبري ٣/ ٤٣٢ - ٤٣٣، طبعة دار المعارف - القاهرة ١٣٨٢هـ.

<<  <   >  >>