للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكفيك من الزاد ما بلّغك المحل فقال عمر: "غيّرتنا الدنيا كلنا غيرك يا أبا عبيدة" (١).

وأراد عمر بن الخطاب أن يستخرج أبا عبيدة من المنطقة التي أصيبت بوباء الطاعون، فكتب إليه: "سلام عليك. أما بعد! فقد عرضت لي إليك حاجة أريد أن أشافهك فيها، فعزمت عليك إذا أنت نظرت في كتابي هذا ألا تضعه من يدك حتى تُقْبِل"، فعرف أبو عبيدة ما أراد عمر، فكتب إليه: "يا أمير المؤمنين! قد عرفت حاجتك إليّ، وإني في جند المسلمين لا أجد بنفسي رغبة عنهم، فلست أريد فراقهم حتى يقضي الله فيّ وفيهم أمره وقضاءه، فخلني عزيمتك"، فلما قرأ عمر هذا الكتاب بكى، فقال الناس: يا أمير المؤمنين! أمات أبو عبيدة؟ فقال: "لا، وكأن قد" (٢). وفعلاً مات أبو عبيدة بطاعون (عمواس) (٣) سنة ثمان عشرة الهجرية (٦٣٩م) في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - وهو ابن ثمانٍ وخمسين سنة (٤).

هـ) تلك دروس عملية من الصحابة والتابعين تطبيقاً لتعاليم الإسلام بعد التحاق الرسول القائد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام بالرفيق الأعلى، وفي أيام الفتح الإسلامي العظيم؛ لعل العرب والمسلمين يتعلمون منها ما يجب أن يقدموا إعلاء لكلمة الله في هذه


(١) الإصابة ٤/ ١٢، وأسد الغابة ٣/ ٨٦.
(٢) ابن الأثير ٢/ ٢١٦.
(٣) عمواس: كورة من فلسطين بالقرب من بيت المقدس، وهي على أربعة أميال من مدينة الرملة على طريق بيت المقدس، انظر التفاصيل في معجم البلدان ٦/ ٢٢٥.
(٤) طبقات ابن سعد ٣/ ٤١٤ - ٤١٥ و ٧/ ٣٨٥، وابن الأثير ٢/ ٢١٦، والإصابة ٤/ ١٣، وأسد الغابة ٣/ ٨٦، والاستيعاب ٢/ ٨٩٤، ومعجم البلدان ٦/ ٢٢٦.

<<  <   >  >>