للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التحم القتال واشتدَّ أواره، وذلك في قرية (لوبيا) (١)، فشدَّد صلاح الدين الخناق على الصليبيين، وعزم عزماً أكيداً على إحراز النصر.

واستمرَّت المعركة طيلة يوم الجمعة، حتى حلَّ ظلام الليل، وكان الطرفان في أشدِّ حالات التعب والإعياء.

وفي صبيحة يوم السبت الرابع والعشرين من ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وخمسمئة الهجرية (٤ من تموز - يوليه - ١١٨٧م)، بدأ القتال عنيفاً قاسياً، وقد علم كلٌّ من الطرفين أنَّ اندحاره يؤدّي إلى إبادته، خاصة صلاح الدين الذي كانت قواته محاصرة بنهر الأردن من الشرق وبلاد العدو من الغرب والشمال والجنوب، فكان في اندحارها هلاكها عن بكرة أبيها؛ لذلك هاجم صلاح الدين بكل قواته - الطلائع والمقدمة والقلب والمجنبتان قوات الصليبيين وزجَّ بكلِّ قواته في المعركة.

وانهارت معنويات الصليبيين، فهرب (القومص) (٢) الذي رأى أمارات الخذلان وبوادر الاندحار، وأخذ طريقه إلى (صور) (٣)، فتبعه قسم من المسلمين ولكنه نجا بنفسه.

وطوَّق صلاح الدين قوات الصليبيين من كل جانب، وقاتلوهم بالسهام والسيوف والرماح، فانهزمت منهم طائفة، ولكن المسلمين


(١) لوبيا: قرية تقع غرب مدينة طبرية.
(٢) القومص: تعريب حرفي للفظة اللاتينية ( Comes) ، أي الأمير، ومعناها الأصلي في اللاتينية: (الرفيق)، لأنه كان في بادىء الأمر يرافق الملك في حروبه وتنقلاته، ثم سُمِّيَ بالأمير. انظر الهامش (١) من كتاب: النوادر السلطانية ٧٧.
(٣) صور: مدينة مشهورة تقع على البحر الأبيض المتوسط جنوب بيروت في لبنان.

<<  <   >  >>