للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمئة الهجرية (٢ من تشرين الأول - أكتوبر - ١١٨٧م)، وليلتها كانت ليلة المعراج المنصوص عليها في القرآن المجيد (١)، وكان احتلال الصليبيين لبيت المقدس في الثالث عشر من شعبان سنة اثنتين وتسعين وأربعمئة الهجرية (١٥ من حزيران - يوليه - ١٠٩٩م) حدثاً من أخطر الأحداث التي هزت أركان العالم الإسلامي، وكان قيام المملكة اللاتينية في هذا الركن من العالم العربي والإسلامي، أسطع رمز لعدوان الغرب على الشرق، وأسطع دليل على ما كانت تبيِّته أمم الغرب من العدوان المنظَّم على أمم الشرق. وبالرغم من أنَّ هذا العدوان كان يتَّشح بثوب الدين، وحجَّة إنقاذ قبر المسيح عليه السلام من أيدي المسلمين، فإن قيام المملكة اللاتينية الصليبية في بيت المقدس، وقيام الإمارات الصليبية الأخرى في مختلف أنحاء الشام، كان في ذاته أسطع دليل على أنَّ الغايات الدنيوية، وما تنطوي عليه من استلاب الأراضي والمغانم والثروات؛ كانت هي المقصد الأول الذي سعى لتحقيقه أولئك المعتدون (٢).

وقد لبثت المملكة الصليبية في بيت المقدس زهاء تسعين عاماً، شوكةً مؤلمةً في قلب العالم الإسلامي، ولكن صلاح الدين استطاع بقيادته الفذَّة استرداد بيت المقدس من الصليبيين، بعد أن بقيت المدينة المقدَّسة تئنُّ تحت وطأة الاحتلال هذه المدَّة الطويلة من عمر الزمن.


(١) انظر إلى هذا الاتفاق العجيب، كيف يسَّر الله استرداد بيت المقدس في مثل زمان الإسراء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فهل هذا مجرَّد صدفة؟! أما أنا فلا أقول: إنها صدفة، بل ذلك نصر من الله.
(٢) مواقف حاسمة في تاريخ الإسلام ١٣٠.

<<  <   >  >>