للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول (غليوم دي تير) الذي أرَّخ للحروب الصليبية: "إن الصليبي كان يرى في الشرقي -فحسب- عدوَّه اللدود مسلماً كان الشرقي أو مسيحياً"، ويضرب هذا المؤرِّخ مثلاً على مذابح الصليبيين، بغزوة الفرسان القساوسة لمدينة (بلبيس) (١)، حيث كانت مجزرة للأقباط لاقوا فيها حتفهم على أبشع صور القسوة، دون أن يرحم الفرسان القساوسة الشيوخ من الضحايا ولا الأطفال الرُّضَّع والنساء الضعيفات.

أما عن علاقة الصليبيين ببعضهم، فقد كانت على أسوأ حال. ومن الأمثلة على ذلك أنَّه عندما تمَّ النصر لصلاح الدين وارتدَّت الحملة الصليبية الثالثة، لم يجد الصليبيون المندحرون غير النبذ والإساءة والتنكيل من أمراء الفرنج الذين استوطنوا أنطاكية وطرابلس. بل إن هؤلاء الأمراء فرضوا عليهم الضرائب ونهبوا متاعهم، ثم منعوهم من الدخول إلى مدنهم. ويروي مؤرخو الغرب أن المهزومين من جنود الصليبيين في الحملة الثالثة لم يلاقوا معاملة إنسانية رحيمة إلا ممن كانوا يعتبرونهم أعداء لهم من العرب والمسلمين الذين وفَّروا لهم العطف والإيواء كلاجئين، كما أمر صلاح الدين أن يُعامَلوا بالحسنى، وأن توزَّع عليهم الخيام والأغذية دون ثمن إلى أن يتمكَّنوا من ركوب البحر والعودة إلى بلادهم.

وكانت هناك طائفة من اللاجئين أمر صلاح الدين بنقلهم جميعاً


(١) بلبيس: قرية كبيرة بينها وبين فسطاط مصر عشرة فراسخ باتجاه الشرق. وتقع في محافظة الشرقية شرق أنشاص.

<<  <   >  >>