للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سفنه حول السور الواقع على بحر (مرمره)، ويتسلَّقه الجنود بالسلالم والحبال، ويقتحمون المدينة. ثم بعث الفاتح إلى سكان (غلطه) من الجنويين يحذرهم من مساعدة القسطنطينية، فقد كان على علم تام بما كانوا يفعلونه طوال أيام الحصار.

وكان الفاتح كلما مر بجمع من جنده خطبهم وأثار فيهم الحمية والنخوة، وأبان لهم أنهم بفتح القسطنطينية سينالون شرف الدنيا والآخرة، ويأمن العثمانيون بفتحها دسائس هذه المدينة التي طالما مالأت عليهم الأعداء والمتآمرين، وسيكون لأول جندي يرفع راية الإسلام فوق سور القسطنطينية الجزاء الأوفى والإقطاعات الواسعة وأجر الله في الجنَّة.

وكان الشيوخ والعلماء يتلون عليهم آيات القتال والجهاد، وما أعدَّ الله للمجاهدين من حسن الجزاء، ثم يقولون لهم: "لقد نزل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عند هجرته إلى المدينة المنورة في دار أبي أيوب الأنصاري، وقد قصد أبو أيوب إلى هذه البقعة ونزل هنا" (١).

وكان هذا القول يلهب الجند ويبعث في نفوسهم أشدّ النخوة والحمية الدينية، فيسجدون إلى الأرض، ويدعون الله عزَّ وجلَّ ويبتهلون إليه أن يتم لهم النصر المبين.

وعاد الفاتح إلى مقرّه، فدعا إليه قادة جيشه وأصدر إليهم التعليمات الأخيرة، ثم ألقى عليهم الخطبة التالية: "إذا تمَّ لنا فتح القسطنطينية تحقَّق فينا حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعجزة من


(١) أحمد مختار: فتح جليل قسطنطينية.

<<  <   >  >>