للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المهاجمين كبَّدتهم خسائر فادحة بالأرواح.

وأمر السلطان الفاتح بانسحاب جنوده، كما أمر بتكثيف نيران المدفعية على السور ومواقع المدافعين، فنصبت المدافع في أقرب مكان من السور، وأخذت تقصف المنطقة التي يدافع عنها جستنيان. وتحت ستار قصف المدفعية الكثيف زحف الجنود العثمانيون، وهاجموا مرة أخرى السور، ولكن جستنيان وجنوده ثبتوا لهذا الهجوم أيضاً.

وبينما كان القتال مستعراً عنيفاً مريراً عند السور البرّي، كان هناك قتال آخر لا يقلّ عنفاً وشدّة وضراوة في البحر؛ فقد أخذت السفن العثمانية بقيادة أمير البحر حمزة باشا في بحر (مرمره) وكذلك السفن العثمانية الراسية في (القرن الذهبي) أمكنتها من السور، وأخذ الجنود يطلقون عليه قذائفهم ونبالهم، وأخذ فريق منهم يتسلقونه بالسلالم والحبال وغيرها من أدوات التسلُّق، والتحموا في صراعٍ دامٍ مع المدافعين الذين هبُّوا إلى قذف السلالم إلى البحر وإطلاق النيران والسهام والقذائف على الجنود العثمانيين.

وقد أثار هذا الهجوم الشديد من ناحية البحر الفزع والرعب بين سكان القسطنطينية، وجأرت أصواتهم بالدعاء والضراعة، ودقّت أجراس الكنائس دقات شديدة متوالية. وظلَّ الصراع على جانبي السور البحري على هذا النحو من الشدّة والعنف إلى آخر الحصار؛ وإذا كان العثمانيون لم يفلحوا في اقتحام المدينة من ناحية الأسوار البحرية، فإنهم شغلوا عدداً كبيراً من المدافعين الذين كان بالإمكان استخدامهم لتقوية الدفاع على الأسوار البرية.

<<  <   >  >>