للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى حياتهم العادية.

وفيما كان الفاتح يطوف بأرجاء كنيسة آيا صوفيا، إذ سمع قرعاً ونقراً من ورائه، فالتفت فرأى أحد جنوده يضرب بفأس في يده عموداً من المرمر كانت معلقة عليه إحدى الصور المقدسة عن المسيحيين.

واقترب الفاتح من الجندي وقال له غاضباً: "ماذا تعمل"؟! فأجابه الجندي الأمي بكل بساطة: "ألستَ مسلماً؟ أريد محو آثار الكفار"!

فقال له الفاتح: "ليس من الحق تخريب المعبد"، ثم خطف الفأس من يده وضربه بها على رأسه.

وكان نفرٌ من الرهبان مختبئين في سراديب الكنيسة خوفاً من القتل، فلما سمعوا بما فعله الفاتح، ولمسوا حسن رعايته للنصارى، خرجوا من مخابئهم وأعلنوا إسلامهم، وعرف أحدهم الذي كان أكبرهم سناً باسم: بابا محمد (١).

وأمر السلطان الفاتح بعد ذلك بتحويل تلك الكنيسة إلى مسجد، وطلب إلى أحد العلماء الذين كانوا برفقته أن يؤذن، فجلجل صوته بالأذان، وأدَّى صلاة العصر، وأعلن أنه سيصلي صلاة الجمعة القادمة في المسجد الجديد.

وقصد إلى قصر الإمبراطور، وتجوَّل في صالاته وغرفه، وقد كان مهملاً بدت عليه الوحشة والظلام والكآبة.

وسأل الفاتح عن قسطنطين وجستنيان ونوتاراس، فلم يأته منهم غير نوتاراس الذي كان يقوم بالإدارة المدنية في القسطنطينية أثناء


(١) أحمد مختار: فتح جليل قسطنطينية.

<<  <   >  >>