للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عظماء، فلم تحفل النصرانية بموت أحد منهم مثلما حفلت بموت هذا

السلطان، وقد رأينا فيما تقدَّم ما أقامته البابوية في روما من الحفلات

والمهرجانات الصاخبة ابتهاجاً بموته، وظلَّت الرهبة من الفاتح تخيِّم

على أوروبا حقبةً طويلة من الزمن، وظلَّت ذكراه تلقي الفزع والرعب

في قلوب أهلها إلى عشرات السنين بعد وفاته.

وفي سنة (١٦٨١ م) أي بعد موت السلطان الفاتح بقرنين، ألَّف

مؤرخ فرنسي يدعى (جييه) كتاباً في تاريخ حكم السلطان محمد الفاتح،

وأهدى كتابه هذا إلى لويس الرابع عشر أو لويس الأكبر أعظم ملوك

فرنسا وأعظم ملوك عصره. وقد قال المؤلف في مقدمة كتابه: "إنه إذ

يسأل الله لملك فرنسا طول البقاء وأن يهب له المجد والسؤدد والقوة

والسعادة، يرجو من الله كذلك ألا يظهر مرة أخرى على وجه الأرض

حاكم كالسلطان محمد الفاتح؛ فقد كان حكمه بلاء ونكبة على

النصارى والنصرانية ... وهذا ما يجب أن يتمنَّاه دوماً بدون انقطاع

لا الفرنسيون وحدهم، بل جميع الشعوب النصرانية الأخرى".

ومع ذلك لم يشتهر أحد من السلاطين العثمانيين لدى الأوروبيين

وكثر تحدثهم عنه، مثل السلطان الفاتح، وهو أول سلطان عثماني بل

أول حاكم إسلامي أطلق عليه الأوروبيون لقب: (السيد العظيم Grand

Seigneur) .

ولد محمد الفاتح في السادس والعشرين من رجب سنة ثلاث

وثلاثين وثمانمئة الهجرية (٢ من نيسان - أبريل - ١٤٢٩ م).

وتولى السلطنة في السادس عشر من محرم الحرام سنة خمس

<<  <   >  >>