للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل شيء حتى فيما يضر ويؤذي كما تصنع القرود، فهذا تدمير للذات لا أدري كيف واتت طه حسين نفسه للقول به، والتحمس له والدعوة بكل قوة إليه كأنه يؤدي واجبًا مقدسًا، سوف يثاب عليه يوم القيامة.

وقد أضاف طه حسين أنه ينفر من الشعر المسرحي العربي بوجه خاص، ولكنه لشديد الأسف لم يسق لنا سبب هذا النفور الخاص من الشعر المسرحي العربي، ويبدو لي أنه امتداد لدعوته إلى اللحاق بحضارة أوربا جملة واحدة، بمعنى أنه إذا كانت أوربا قد تخلت تقريبًا عن الشعر المسرحي، فما هي كنية الشعر العربي؛ حتى يخرج على هذه السنة متصورًا أن من حقه العيش بعيدًا عن المظلة الأوربية، كلا وألف كلا وعليه أن يدخل الحظيرة الغربية لا يفكر في الخروج من بابها أبدًا، ذلك أن الشعر العربي هو شعر سلس مطواع، أما الكلام عن صعوبة التأليف الشعري، فمنذ متى والدكتور طه يتغيى التسهيل لمجرد التسهيل؟ ولقد وسع الشعر العربي القصص والحوار والوصف وتحليل الشخصيات في قصائده ومقطوعاته على مدار تاريخه الطويل، حتى في العصر الجاهلي نفسه، فكيف خطر للدكتور طه هذا الخاطر الذي لا يبرره تاريخ ذلك الشعر؟

صحيح أنه من الممكن القول: بأن مستوى المسرحيات عندنا في ذلك الوقت على الأقل كان أدنى من مستواه عند الغربيين، لكن هذا لا يختص بالمسرح الشعري وحده، بل يشمل المسرح كله شعريه ونثريه بوجه عام، إذ نحن إنما نقلنا عن الغرب هذا اللون من التأليف، ومن يدري فربما لم تكن الذائقة العربية تشغف شغفًا كبيرًا بهذا الضرب من الإبداع الأدبي والفني.

ولنلاحظ أنه لا يروج عندنا الآن رغم معرفتنا للمسرح وممارستنا له منذ أكثر من قرن ونصف إلا المسرحيات السطحية التي تضج بالضحك والنكات، وما

<<  <   >  >>