للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأشعار الفكاهية الباب الوحيد الذي ظهر فيه شوقي بملامحه الشخصية؛ لأنه أرسل نفسه فيها على سجيته، وانطلق من حكم المظهر والصنعة والقوالب العرفية التي تنطوي فيها ملامح الشخصية وراء المراسم والتقاليد، ووجدت روح الفكاهة عند شوقي مجالًا ومنطلقًا في الخرافات التي نظمها كما قال: لأحداث المصريين الذين كانوا يلذ له أن يمتعهم، ويدخل البهجة والسرور إلى قلوبهم إلى جانب الرغبة في تثقيفهم.

ولقد صاغ شوقي هذه الخرافات صياغة تختلف عن صياغة شعره التقليدي لا من حيث الأصالة والشاعرية والمقدرة الموسيقية، بل من حيث السهولة والبساطة في الصياغة والتعبير، فقد رصفها في أوزان قصيرة خفيفة تتناسب هذا اللون من القصص، وإن كان قد أكثر من استعمال الرجز كما نَوَّع قوافيها، فكان يستخدم أحيانًا قافية متحدة في الخرافة، وفي أحيان أخرى يستخدم قافية مزدوجة، كما كانت الخرافة عنده تختلف طولًا وقصرًا حسبما يتضمنه موضوعها من أفكار.

أما اللغة التي كُتِبت بها خرافاته فكانت العربية الفصيحة السهلة، ولعلنا نلاحظ الفرق الهائل بين لغة شوقي في الخرافات ولغة محمد عثمان جلال، فعلى الرغم من بساطة اللغة التي استخدمها شوقي في كتابة خرافاته وسلاسة التعبير وسهولته لم ينحرف إلى العامية، ولا إلى ألفاظ وتعبيرات مبتذلة كما فعل محمد عثمان جلال، ولعل ذلك كان من بين الأهداف التي أرادها شوقي لتثقيف الأطفال عن طريق الخرافة، وهو تقويم ألسنتهم، وتعويدهم على النطق بفصيح الكلمات بدون مشقة أو جهد.

ولم يقتصر افتنان شوقي في خرافاته على طريقة تناوله الموضوع وصياغته، بل إننا نراه يفتن أيضًا في إيراد الحكمة التي هي روح الخرافة كما قال لافونتين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <   >  >>