للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فثاب لعبد الجليل عقله، وآب إليه ذكاؤه ونبله، فقال:

يقول حِذاراً لا اغتراراً فطالما ... أناخَ قتيلٌ بي ومرَّ سَليبُ

ويُنشدنا: إنَّا غريبان هَاهنا ... وكلُّ غَريبٍ للغريب نسيبُ

فإنْ لم يَزْره صاحبٌ أو خَليلُه ... فقد زاره نَسْرٌ هناك وذِيب

فها هو: أمَّا منظرا فهو ضاحك ... إليك وأما نَصْبةً فكَئِيب

يريد بقوله أما منظرا فهو ضاحك أن ذلك الرأس قد ذهبت عنه جلدته بطول بلاه، فهو بحسب مرآه كأنه ضاحك، وبحسب معناه كأنه كئيب. ولم يذكر الفتح منها في

قلائده لعبد الجليل سوى بيت، هو قوله:

يقول حِذَاراً لا اغتراراً فطالَما ... أناخ قتيلُ بي ومَرّ سَلِيبُ

وانه قتل من ساعته كما ذكرناه، والله الموفق لا رب سواه؛ فما أتم قوله إلا وعجاجة قد ارتفعت، وكتيبة قد طلعت؛ فما انجلت إلا وعبد الجليل قتيل وأنا سليب، وهذا فأل عجيب، وافقه قدر مصيب.

<<  <   >  >>