للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال آخر من أهل العصر:

غَزالٌ له في كُلّ عضو محاسنٌ ... يقومُ لخَلاّع العِذار به العُذْرُ

فوجنتُه وردٌ وعيناه نرجسٌ ... ومَبْسِمه كأسٌ وريقُته خمرُ

وهو تشبيه غير أنيق، إذا حك بمحك التحقيق؛ لان بين نرجس الحدائق والأحداق، الموصوفة بالدعج وتكحيل الآماق؛ من التباين ما بين الأضداد، وليس يحسن أن تحل الصفرة في موضع السواد؛ فتشبيهه بعيون الهرر أولى من تشبيهه بعيون الناس، في حكم القياس. وإنما حسن تشببهه بذلك لموضع إحاطة البياض بالصفرة، كإحاطة بياض العين بسوادها فقط. وليس تشبيههم الخدود بالورد من

هذا النمط؛ فإنها تشبهها في تضرجها بالحمرة ونعومتها، ونداها ونضرتها. وكذلك الأقاح بالثغور. والأقاح: جمع الأقحوان؛ لان له ورقا ابيض يشبه الثغر به. وقد لاحظنا في هذا المعنى ما لم نعلم أحداً ممن عنى بنقد الشعر قبلنا لاحظه، ولا كشف قناع معناه.

ولأبى نواس مقاطيع في تفضيل النرجس على الورد، منها المقطوع الذي أوله:

أين الخدودُ من العيون نفاسَةً ... ورياسةً لولا القياسُ الفاسدُ

<<  <   >  >>