للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا ما الحِمَى أغارَ عليه ... حاذقُ الطَّعن فالحِمَى مْنهُوبُ

أسألُ الله عَفْوَهُ فلئن سا ... َء مقالي لقد تَعفُّ الغُيوب

قد ينال الفَتى الصغائر طرفا ... لا سواها وللذُّنُوب ذَنُوب

وأخو الشِّعر لا جُناح عليه ... وسَواءُ صَدُوقه والكَذوب

وأنشدني، وكتبته من خطه، يخاطب امرأة:

يا نُورَ نَفْسِيَ حقُّ الضَّيف مُفترضٌ ... وأنتِ من قَومِ صِدقٍ ظاهِري الكَرِم

مرّتْ ليالٍ علينا في جِواركُم ... ونحن في جَفوةٍ أفضتْ إلى سَقَم

إن قلت تُبتُ، فما كانتْ مُفاحشةٌ ... وإين منك مَقالُ الله في اللَّمَمِ

أو كان نُسكٌ فما ذو النُّسك في سَعةٍ ... أن يَسْتحلَّ - وقاكِ اللهُ - سَفْكَ دَمي

وقد تكلمنا على هذه الأشعار، ومن انتقدها عليه من العلماء الكبار، واعتذرنا عنها أبلغ الاعتذار، وذلك في كتاب وهج الجمر في تحريم الخمر.

وشاهدناه في آخر عمره قد اتخذ المسجد الجامع داراً، والتفت إلى رواياته وتواليفه فروى صغاراً وكبارا. قرأت عليه كثيرا وسمعت، وأجاز لي ولأخي الحافظ أبي عمرو جميع رواياته ومجموعاته. وتوفي رحمه الله على أحسن حالاته ببلدة إشبيلية سنة ست وثمانين وخمسمائة، وله أربع وثمانون سنة. وخلف أموالا عظيمة، ز كتباً في كل فن كريمة؛ وكان له ولد يكنى أبا الحسين، وكان سخنة عين؛ فأساء ذكره، ولم يتبع حسنه، فأمر صاحب المغرب أن يصفد في الحديد، وأن يلقى

<<  <   >  >>