للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبتُّ أُراعي النَّجمَ حتَّى كأنَّما ... بناصِيتي حبلٌ إلى النَّجمِ موثَقُ

وما طالَ ليلِي غيرَ أنِّي بوعدها ... أُعلِّلُ نفسي بالأماني فتعلقُ

وقال آخر (١): (من الخفيف)

في المُنَى راحةٌ وإنْ علّلْتَنا ... من هواها ببعض ما لا يكونُ

وقال أبو الحسين الجزار (٢): (من الكامل)

حَسْبُ الفتى حسن الأماني إنه ... لا يعتريه مدى الزمان زوال

لم أرتضِ العيشَ والأيامُ مقبلةٌ ... فكيف أرضَى وقد ولَّتْ على عَجَلِ

اللغة: الإقبال: ضد الإدبار، والعجل: السرعة، والعجل: الطين / قال تعالى: [٥٩ ب]

[خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ] (٣).

الإعراب: لم: حرف يجزم الفعل المضارع، أرتض: مجزوم به، العيش: مفعول به، والأيام مقبلة: مبتدأ وخبر، وكيف: اسم مبني على الفتح، أرضى: فعل مضارع مرفوع، وقد: الواو واو الحال، وقد: للتحقيق، والتاء في ولّت علامة التأنيث، على عجل: على هذه يُحتمل أن تكون بمعنى في، ولكنها في المعنى للاستعلاء، والجار والمجرور في موضع نصب على الحال، أي ولّت مستعجلة، والجملة في قوله: وقد ... إلى آخر البيت في موضع النصب على الحال، تقديره: فكيف أرضى العيش والحالة هذه.

المعنى: ما رضيت بالعيش في صباي إذ كانت الأيام مقبلة، فكيف أرضى بالعيش وقد كبرت، والأيام قد ولّت عنّي، والأمر كذلك؛ لأن العيش في زمن الشبيبة أيامه في إقبال، فهو غضٌّ نَضِر يانع، غصنه رطب، ووصله حبيب، وسهمه مصيب، وله في كل لذة قسم، وفي كل نعيم نصيب، وقال ما أحسن قول المعري (٤): (من البسيط)

وقد تَعَوّضْتُ من كُلٍّ بمُشْبِهِهِ ... فما وَجَدْتُ لأيّامِ الصِّبا عِوَضَا

والعيش في أيام الشيخوخة أيامه في إدبار، وتوالٍ وزوال، فهو جاف ذاوٍ ذابل، ثوبه خلق، وجوّه غسق، ويومه حرق، ونزمه أرق، وغصنه عارٍ من النضارة والثمر والورق، كما قال القائل (٥): (من البسيط)

ما كنتُ أُوفِي شبابِي كُنْه قِيمَتِه ... حتى انقضى فإذا الدُّنْيا له تَبَعُ


(١) نسبه الخالديان في الأشباه والنظائر، ص ٧٢٤/ (م) لمسلم؟ حيث قال: ومن أجود ما قيل في المنى قول مسلم، وفي الغيث المسجم ٢/ [١٦٣ ب] لا عزو.
(٢) البيت في الغيث المسجم ٢/ ١٦٧
(٣) الأنبياء ٣٧
(٤) ديوان سقط الزند، ص ٢٠٨
(٥) لمنصور النمري كما في الغيث المسجم ٢/ ١٧٣

<<  <   >  >>