للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنْ عشتُ عشتُ بِلا أهلٍ ولا وطَنً وإنْ قضيتُ فلا قبرٌ ولا كفنُ

أظنُّ قبري بطونَ الوحشِ ترحلُبي بعدَ المماتِ ففي الحالينِ لي ظَعَنُ

قال الحافظ أبو عبد الله محمد الحميدي (١): مَنْ تختَّم بالعقيق، وقرأ لأبي عمرو، وتفقه للشافعي، وحفظ قصيدة ابن زريق، استكمل الظرف.

قال الشارح: وبعضهم قال: ولبس البياض.

فائدة: / طال اغترابي، أذكرني سؤالا في قول الحريري في أول المقامة الأولى: [١٦ ب] لمَّا قعدت غارب الاغتراب، وهو أن قعد قاصر، لا يتعدى، فكيف أعاد بالتاء والجواب (٢).

وضَجَّ من لَغَبٍ نضوي وعجَّ لما ... يلقَى رِكابي ولجَّ الركبُ في عَذَلي

اللغة: الضجيج: الصياح، واللغب، بالغين المعجمة: وهو اللغوب، وهو الإعياء والتعب، قال تعالى: [وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ] (٣) أي تعب، ولا إعياء، وهو ردٌّ على اليهود، لأنّهم قالوا: إنّ الله تعالى خلق السموات والأرض في ستة أيام، ثمّ استراح في يوم السبت، فكذَبهم الله تعالى بذلك، والنضو: البعير المهزول، والناقة نضوة، والعجيج: رفع الصوت، وفي الحديث: "أفضل الحج العج والثجّ" (٤)، والركاب: الإبل التي يُسار عليها، واللجاج مصدر لجِجت بالكسر تَلج بالفتح، فهي لجوج، والركب: أصحاب الإبل في السفر، دون الدواب، وهم العشرة فما فوقها، والجمع أَركُب، قاله الجوهري، والعَذَل: بالتحريك الاسم، وبالسكون المصدر، وهو الملامة.

الإعراب: ضجَّ: فعل ماضٍ، أصله ضجج، فاجتمع المثلان، فسكن أحدهما، وأدغم في الثاني، من لغبٍ: جار ومجرور في موضع النصب مع أنه مفعول لأجله، والمفعول لأجله هو الباعث على إيجاد الفعل، فاللغب هنا هو الباعث على الضجيج، نضوي: فاعل ضجَّ، وقد تقدم المفعول له عليه، وهو جائز، ولم يظهر الرفع في الفاعل لإضافته إلى ضمير المتكلم، وعجّ: مثل ضجَّ، ولِما: جار ومجرور، وما اسم ناقص في موضع جر، يلقى: فعل مضارع في موضع نصب (٥)، عارٍ عن الناصب والجازم، ولم يظهر الرفع فيه؛ لأنه معتل الطرف بالألف، فالضمة مقدرة في آخره، وهذه الجملة من الجار والمجرور، والصلة / والعائد في موضع النصب على أنه مفعول لأجله، ولجَّ: فعل ماضٍ كما تقدّم في [١٧ أ]


(١) كتب اسم هذا العلم في المخطوطة: أبو محمد عبد الله الحميدي، والصحيح ما أثبتناه، فهو: المحدث الإمام أبو عبد الله محمد بن فتوح الحميدي، صاحب كتاب: جذوة المقتبس في علماء الأندلس، وقد ترجم له ابن سعيد في المغرب في حلى المغرب
(٢) كتب في الهامش: الحريري إنما قال: لما اقتعدت غارب الاغتراب، أي اتّخذه قعيدة، والغارب الكاهل، وهو مقدم ظهر الدابة، استعاره للاغتراب، وهو التغرب عن الوطن.
(٣) ق ٣٨
(٤) كتب في الهامش: العج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: اهراق دم الهدي.
(٥) كتبت: في موضع رفع لا.، وما أثبتناه من الغيث المسجم ١/ ١٨٣

<<  <   >  >>