للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبخل: ضد الكرم.

الإعراب: طيبَ: مفعول به، أحاديث: مضاف إلى المضاف الثاني، بها: بمعنى عن، وما هنا اسم ناقص بمعنى الذي، وبالكرائم: جار ومجرور، والباء هنا للإلصاق، وهذا الجمع لا يقع على هذه الصيغة إلاّ للمؤنث، وشذّ منه ثلاثة جموع، وهي: فوارس، وهوالك، ونواكس، من جبن: من لبيان الجنس، ومن بخل: معطوف عليه.

المعنى: قد زاد طيب الأحاديث من الكرام إذا ما تسامروا، وما يوجد من النساء الكرائم من الجبن والبخل، وهاتان الصفتان محمودتان في النساء، مذمومتان في الرجال؛ لأن المرأة إذا كانت فيها شجاعة ربما كرهت بعلها فأوقعت به فعلاً أدّى إلى /هلاكه، وتمكنت من [٤٣ أ] الخروج من مكانها على ما تراه؛ لأنها لا عقل لها يمنعها مما تحاوله، وإنما يصدها عما يقتضيه عقلها الجبن الذي عندها، والخوف، فإذا لم يكن لها مانع من الجبن، أقدمت على كل قبيح، وتعاطت ما تختاره إقداما منها على ما يأمرها به الشيطان،

وقصة شرحبيل بن الخريت مع زوجته مية بنت عمرو بن مسعود مشهورة، ملخصها أنها كانت نائمة إلى جنبه في الفراش، فأقبل أسود سالخ (١) فاتح فاه لينهشه، والسراج يزهر (٢)، فأخذت بحلقه وخنقته إلى أن مات، وتركته تحت الفراش ميتاً، فلما أصبح أبوه وأمه أتيا إليه ليوقظانه، وكانا يفعلان ذلك تعظيما له فأخرجت السالخ إليهما ميتا، فقالا: مَن قتل هذا، فقالت: أنا قتلته، ولو كان أشد من هذا قتلته، فقال أبوه: يا شرحبيل خَلِّ عنها، فهي وأبوها للرجل أقتل، فطلقها مكرها. وإذا كانت المرأة سمحة جادت بما في يدها، فأضر ذلك بحال زوجها، ومتى عُلم منها الجود بما يطلب منها ربما حصل الطمع فيها بأمر آخر وراء ذلك، ولهذا جاء في القرآن العظيم: [لَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ] (٣)، ولأن المرأة ربما جادت بالشيء في غير محله، قال الله تعالى: [وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ] (٤) قيل: النساء والصبيان، وبالجملة فما أحد من العقلاء حمد كرم المرأة، ولا شجاعتها، وما أحسن قول الغزي: (من البسيط)

غريرة تخطف الأبصارَ شاخصةً ... من حولها ببروق البيض والأسلِ (٥)

تنمى إلى القوم جادوا وهي باخلة والجود في الخود مثل الشّح في الرجلِ

تبيتُ نارُ الهَوى منهنَّ في كَبِدٍ ... حرَّى ونار القِرى منهم على القُلَلِ


(١) السالخ: الأسود من الحيَّات.
(٢) يزهر: يتلألأ
(٣) الأحزاب ٣٢
(٤) النساء ٥
(٥) البيتان في الغيث المسجم ١/ ٤١٣

<<  <   >  >>